أهلين

"من عرف الله سار، ومن سار طار، ومن طار حار". عجيل المقدسي.

الخميس، 6 مايو 2021

صراع الآلهة والأديان وصراعات الراهن/عمر شبانة


أثمار أو تمار أو تمارا، وربّما النخلة، هي لعبة الأسماء والمعاني التي تلعبها الراوية/ الساردة الأولى في مطلع رواية الفلسطيني أسامة العَيَسة الجديدة "الإنجيل المنحول لزانية المعبد" (الصادرة حديثًا عن منشورات المؤسسة العربية للدراسات والنشر)، ولكن أن تجعل منهنّ نخلة كنعانية؟ فهذه لعبة تستوقف القارئ، منذ البداية، عسى أن يجد ما وراءها من خيوط وخطوط. فما الذي يبتغيه الروائيّ من توظيف لهذه الأسماء؟ وهل من أكَمة وراء البدء بهذه الأسماء في مطلع الرواية؟

نعم ثمّة أكمة تبدأ منذ عنوان الرواية، فعن أيّ "زانية" من "زانيات المعابد" يجري الحديث؟ وما إنجيلها المنحول؟ وما قصّتها، وما علاقتها بالنخلة وأثمار والبقية؟ بالتأكيد لن نذهب إلى الأسطورة وجذورها إلا حيث يتطلّب الأمر، بل سنبدأ من أثمار ووالدها الكاهن الذي أسماها باسمها لأسباب دينيّة أوّلًا، ولكن الأهم في اختياره اسمها هو لكي تكون كالنخلة، جميلة مثمرة، مستقيمة بلا أيّ اعوجاج، فالأشجار كلّها تنمو مع اعوجاج إلّا النخلة تستمرّ صعودًا بجذع مستقيم. كما أنّ والدتها لم تكفّ عن ترتيل أناشيد تُعدّد فوائدها البالغ عددها 360، فتقوم بإنشادها لها حتّى تنام.

تمار إحدى ضحايا الشرق المنخور بالذكورة، ولا علاقة مباشرة لها ببني إسرائيل، لا إبراهيم ولا إسحاق ولا يعقوب، بل هي النخلة الكنعانية، امرأة تحبّ أن "تروي" وتكتب حكايتها بنفسها حتى لا يقوم كاتب (رجل) بتزويرها، أي أنّ الكاتب هنا يُسلّم أموره للراوية لتقدّم نفسها، وهذه فكرة أولى جديدة على الرواية، حيث يترك الكاتب لبطلته مهمة الكتابة، وليس مجرّد الحكي. إنّنا حيال شخصية ملتبسة بين كونها "بطلة" العمل وكونها "الكاتبة" التي تتحكّم بمصيرها ومصائر شخوص الرواية.

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق