أهلين

"من عرف الله سار، ومن سار طار، ومن طار حار". عجيل المقدسي.

الأحد، 16 مايو 2021

فلسطين الجديدة..!

يحتاج الفلسطينيون، بخلاف كل خلق الله، ليؤكدوا، خلال مسارهم التاريخيّ، أنّهم عندما يذكرون اسم فلسطين، يقصدون فلسطين التاريخيّة، والغريب أنهم، يقصدون بالفعل، تلك الفلسطين التي قرّرتها جهتان ليس لهما علاقة بفلسطين.

لنتخيل، مثلاً، كيف استيقظ عربي في رفح، ليجد نفسه، وقد قطعه خط حدودي وضعه العثمانيون والبريطانيون على عجل، فلسطينيًا، بينما شقيقه أو ابنه على الجانب الآخر، أصبح مصريًا.

لا أعرف لماذا الإصرار على تاريخيّة فلسطين، وهي في الواقع فلسطين الانتدابية، يبدو أن آباءنا لم يحفلوا بالتاريخيّة هذه، ولم يذكروها، لم أسمع والدي عندما يتحدث عن فلسطين، يلحقها بكلمة تاريخيّة، بل يكتفي بالقول البلاد.

بعد الانتداب البريطانيّ، والذي كان يمكن أن يكون فرنسيًا، ناقش المثقفون الفلسطينيون، أيهما أفضل للنّاس، الانضمام إلى مصر أم إلى سوريا؟ ولكل طرف حججه وجداله. حتى في الثورة الكبرى، الّتي كان الفلّاحون وقودها، وقّع الثوار بياناتهم باسم سوريا الكبرى.

ليس غريبًا، أن لا يتمتع الفلسطينيون بحسٍّ استقلالي محلي، فنصفهم مصريّ، ونصفهم سوريّ، وأنصاف الأنصاف حجازيّ، ولبنانيّ، ومغربيّ، ونجديّ..إلخ.

سيحددون لك فلسطينك، وستقتنع بأنّها تاريخيّة من الماء إلى الماء، ثم يقسمونها، ويقنعونك، بأخذ المقسوم، ولكنّك، حتّى هذا المقسم، لا تناله. ستصبح فلسطين التاريخيّة هذه، متداولة أكثر، مع تقسيمها بين ثلاث سلطات، ومن حسن حظنا أن الاحتلال، تمكّن في حزيران 1967، من توحيد فلسطين الانتدابية.

سيكتشف بطل إحدى متواليات سداسية الأيّام الستة لإميل حبيبي، واسمه فجلة، الذي نشأ في القسم المحتل عام 1948، بأنّه له عم وأولاد عام في القسم المحتل عام 1967، ولكن رغم فرحه بلقائهم، يخشى، إذا انسحب جيش الاحتلال من المناطق المحتلة الجديدة، أن يعود بدون عم.

سخرية من قحف المأساة. رغم هذا التوحيد، إلّا أنَّ ما كرس من أسماء بغيضة مثل الضفة الغربية، وقطاع غَزَّة ظل معمولاً به، ومتداولاً، في أدبيات الفصائل وأروقة الأمم المتحدة.

يعيش الفلسطينيون في فلسطين الانتدابية، تحت أكثر من نظام عدالة مختلف. أقدر بأنّها تزيد عن الخمسين، ومع ذلك فإن فلسطين جديدة تبرز، والآن، أكثر من أي وقت مضى، عاشت مخاضًا طويلاً، من أبرز محطاته الكبرى، يوم الأرض، وانتفاضة أكتوبر 2000.

إذا كان ثمة كلمة عن أهلنا الذين انزرعوا في الأراضي التي احتلت عام 1948، وأصبحوا أقلية في وطنهم، فإنهم أكثر الجماعات العربية، في العالم العربيّ، نضجًا، ووعيًا، وتماسكًا ونضالاً، وهذا رأي قديم لي، ليس له علاقة بالأحداث الآن، والتي جاءت لتؤكد المؤكد.

تبدو لي لفظة فلسطين التاريخيّة ممجوجة، وحتى غير مهنيّة، إننا أمام فلسطين جديدة تتضح ملامحها، على أرض فلسطينيّة منقوصة حددتها اتفاقيات، مثل كل الاتفاقيات، لم يستشر بها أهل البلاد.

إنها فلسطين البلاد الممكنة الآن، ابنة شرطها التاريخيّ، ليست فلسطين التاريخيّة، وإنما فلسطين جديدة تنهض، على حطام فلسطين الانتدابية.

وما دمنا في الممجوج، فيمكن أيضًا، الإشارة إلى الشعار الممجوج، الذي يُتاجر به، وهو أن القُدْس خط أحمر، وكأنَّ الخليل، ونابلس، واللد، ويافا، يمكن أن تكون خطوطًا بألوان أخرى.

فلسطين الجديدة التي تنهض، هي الخط الأحمر، الّذي، بعكس الشعارات الأخرى، عُمّد، بالدم الأحمر القاني.

#فلسطين_تنتفض

#غَزَّة_تحت_القصف

 #GazaUnderAttack #SaveSheikhJarrah

#انقذوا_حي_الشيخ_جراح

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق