-شهادة
روائية قدمت لمؤتمر القدس في الرواية العربية، جامعة البتراء-عمّان، خريف 2019م
خامس:
يبدو ناس القُدْس،
بعد قرون من الاستلاب، كالدائخين، وهم يتبدلون من واقعٍ إلى آخر، ويغيّرون دينهم،
خلال ثلاثة آلاف عام، ثلاث مرات على الأقل، ويخيّل إليّ دائمًا، أنهم، وهم يفعلون
ذلك، ينقلون، ليس فقط شفراتهم الوراثية، ولكن أيضًا الثقافية، ونسغ الهوية الذي
يستمر حاضرًا، في الفعل اليومي، وتقاليد المواسم، والطقوس، والطقس.
سيتشابه الفاتحون،
والمحتلون، والأفاقون، والرحالة، والمارون. خلت القُدْس الآن، من إبراهيم شبانة،
والعم عمير دعنا، وباعة الصحف والمجلات. ما أن رحل دعنا، حتى أقدمت بلدية القُدْس
الاحتلالية، على جرف كشكه، الذي شكَّل، إحدى علامات المدينة بعد ما سموها النكسة،
وكأنُهم كانوا ينتظرون رحيل هذا الكتبي، والحكاء، الذي ناضل في الأحزاب السّرّية
قبل الاحتلال، رفيقًا لدكتور جاء إلى القُدْس، من الكرك، لينافس العائلات التي
تتوارث الارستقراطية الدينية والدنيوية، ليصبح نائبًا مسيحيًا عن مدينة متعددة.
كتب العم عمير قصةً وحيدة، نشرها في معظم الصحف التي كانت تصدر تباعًا في المدينة،
وكأنّها تريد أن تتنفس أكبر قدر من حرية كلام، فلم يكن لأي رئيس تحرير، أن يجابه
رغبة العم عمير، الموزع الأهم للكتب والمجلات في القُدْس التي، وهي تفيق، من صدمة
الاحتلال، بدأت تتحسس خطواتها، وحيدة.
القُدْس، مدينة قدرية،
وأيضا مدينة نصية، من يكتبها، يمتلك قُدْسه الخاصة، وهذا ما حاولته، برمي حجر، في
بئر تاريخها العميق.
أجد نفسي أحيانًا،
كالأعمى الإقطاعي حارسًا لقصره في الشيخ جراح، يرى بعيني زوجته، فيستل بندقيته،
ويصرخ، في وجه أي غريب، ولكنَّ غريبًا طامحًا، مدججًا، يصل، ويطرده، ثم يدمر
منزله، الذي يصبح في المنطقة الحرام، في القُدْس، التي أصبحت قُدْسين.
راوي القُدْس، يجد
نفسه، في مواجهة راوٍ آخر غريب، عليه، التنقيب بين ركام القصر المدمر، والذي يبدو
وكأنّه لم يكن، دون الانسياق، إلى فخ رواية رد الفعل، على روايات الآخرين.
لكل منّا قدسه، وهذه
قُدْسي، التي كتبت وسأكتب عنها.
#باب_العامود
#عمير_دعنا
#إبراهيم_شبانة
#سماء_القدس_السابعة
#جسر_على_نهر_الأردن
#قط_بئر_السبع
#وردة_أريحا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق