يكتب
يحيى السنوار، في روايته: الشوك والقرنفل (أنجزها في زنازين سجن بئر السبع/ ديسمبر
2004م) سيرة جيلي؛ الجيل الذي أدرك الدنيا في ظل احتلال ما تبقى من فلسطين
الانتدابية، ومعها (على البيعة) أراض عربية.
يبدأ
السنوار، روايته بزخم تدفقي، على لسان راويه، ويقدَّم صورة عن حياة عائلة في
المخيم، صدمت بغياب الأب والعم، نتيجة الاحتلال. حياة تشبه حياة جيلي في منازل
المخيم، وشوارعه وأزقته، والأفكار التي تعصف به، وتزلزل عقولنا وقلوبنا.
استوحى
السنوار، شخصيته الرئيسة في الرواية، إبراهيم، ابن عم الراوي، على الأغلب من محمد الضَّيْف،
ويمكن تعرف على الكثير من رموز المقاومة في فلسطين، الذين يذكرون في الرواية
بأسمائهم الأولى، وفي أحيانٍ كثيرة بأسمائهم الكاملة.
تتبع
الراوي، لسيرة إبراهيم، جعله يركز، على بدء مقاومة حركة حماس، وتطورها، وسيظل حضور
محمود، شقيق الراوي الفتحاوي، باهتًا.
يظهر
إبراهيم، بسجايا أخلاقية، وتطهرية، ونضالية، ووعي سياسي، ومعرفة بطبيعة كيان
الاحتلال، ولكنَّه يفقد ذلك كله، في الصفحات الأخيرة للرواية، عندما يقرِّر
السنوار انهاء روايته، وبدون مقدمات، باستشهاد إبراهيم، الذي يفضِّل أن يكون
اتصاله الهاتفي الأخير في هذه الدنيا، مع الراوي، وليس الزوجة التي تعلم بشعور
زوجها بقرب أجله، بما يشبه الرؤيا.
في
اتصال إبراهيم الأخير، قبل تفجير مركبته، يبدو لنا رجلا آخرًا، توكليًا، وليس
اندفاعيًا واثقًا، كما كان عليه، من فهم المعادلات الوطنيَّة، إلى مناضل يقاتل
اليهود، لأنَّهم يهود، مستعينًا بحديث نقله أبو هريرة، عن الحجر والشجر، الذي يدل
المسلم ليقتل اليهودي.
هذه
النهاية تبدو غريبة، ولو سئل السنوار الآن، عن هذا الحديث المعادي لليهود، لأكَّد
أنَّ حماس لا تعادي اليهود، وإنما الاحتلال، كما نجد في خطابات قادة حماس خلال حرب
الإبادة (الاسرليزم).
هل
نحن إزاء أكثر من خطاب لحماس؟ إزدواجية الخطابات، واحدة من سمة الفصائل الوطنية
الفلسطينية.
جهد
السنوار لرواية حكاية جيل مقاوم، وفي حين استشهد إبراهيم، في الرواية، ما زال محمد
الضَّيْف، على قيد المقاومة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق