طاردت الكنيسة
الكاثوليكية، ثم البروتستانتية الساحرات "وغالبا ما انطوت على ذعر أخلاقي وهستيريا
جماعية وحتى إعدامات بدون محاكمة، والمحاكمات لم تكن سوى مهزلة، مغطاة بمظهر الاستجواب
وفي الواقع كانت في اتجاه واحد" كما تعلمنا المدونات التاريخية.
وتحول مصطلح (مطاردة
الساحرات) إلى رمز للحملات الشعبوية التي تخلف ضحايا بأعداد كبيرة، وبينما كانت أوروبا
تشهد حملات لمطاردة الساحرات، يبدو أن صداها وصل فلسطين، وحسب سجل المحكمة الشرعية
في القدس، فان مواطنا من رام الله ذهب ضحية سحره.
يورد سميح حمودة في
كتابه عن رام الله العثمانية، نص حجة مؤرخة في 22 شعبان 1020 هــ / 30 تشرين الأول
(أكتوبر) 1611م، تتضمن ذكر مقتل أحد رجال رام الله، وهو مصلح بن إبراهيم، في قرية
الطيبة. وحسب الحجة فأنه حضر إلى المحكمة الشرعية في القدس محمد آغا بن عبد الله،
وهو مندوب خرم بك الأمير في لواء القدس، "وذكر لمولانا الحاكم أنه اتصل
لمسامع الأمير المشار إليه (خرم بك) أن الرجل النصراني مصلح بن إبراهيم من قرية
رام الله قد قُتل بأرض قرية الطيبة، وطلب الكشف على ذلك وتحريره. فندب من قبله
لذلك كاتب أصله مولانا الشيخ صالح، فتوجه هو ومحمد آغا وحسن بن عبد الله، وكشفوا
عن مصلح المذكور".
تقدم الحجة وصفا
نابضا لمصلح الذي خر بدون نبض: "فوجد ملقى بأرض قرية الطيبة ليس به روح ولا
حركة، وبخاصرته اليمنى ضربة نشاب نفذت من خاصرته اليسرى".
وتفيد الحجة بأن عمر
شاهين بن إسحاق سئل عن سبب قتله ومن قتله، "فذكر أن الرجل النصراني المدعو
حسين بن رحال وخليل بن خليفة وسند بن غنيم، الجميع من نصارى قرية الطيبة، هم الذين
قتلوه أمس"، 21 شعبان / 29 تشرين الأول (أكتوبر)، بسبب أنه مارس السحر في
قريتهم، فقاموا عليه بأرضها، "وضربوه بالنشاب فأصيب ومات من وقته... فعادوا
وأخبروا مولانا الحاكم المشار إليه بذلك." وشهد على التقرير المدون في الحجة
كل من علي بن خلف من قرية رمون، ونصر بن منصور مرسيل، ومعالي وأخيه علي من بيرزيت،
وأحمد بن عبد، ومرعي بن حمد من قرية الخرب.
هل مارس مصلح السحر
حقًا؟ ليستفز ثلاثة رجال من قرية الطيبة ليقتلوه دون محاولة إخفاء جريمتهم، ويتركوه
ملقى حتى يأتي مندوب الحكومة ليوثق الحادثة، دون أن يعلق.
هل هي حادثة نادرة،
أم أنها جزء من حوادث قتل بجريرة السحر؟
**
الصورة: من الفن
المحلي على مغارة الحليب في بيت لحم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق