أهلين

"من عرف الله سار، ومن سار طار، ومن طار حار". عجيل المقدسي.

السبت، 6 ديسمبر 2025

أبو سعاد!


 


أنا واحد من كثيرين، شكَّل لنا سعيد العاص، المناضل المخضرم، ملمحًا غامضًا يُقتدى، حتَّى قبل معرفة حكاياته الكثيرة. والسبب ضريحه في قرية الخضر في عرقوب القدس.

أُسطر العاص، الَّذي استشهد في معركة، ستحمل عدة أسماء، خلال ثورة الفلَّاحين، كمعركة الخضر ومعركة حوسان. أُصيب في المعركة مساعده عبد القادر الحسيني، الذي سيتمكَّن من الهروب من المستشفى الحكومي في القدس. كيف حدث ذلك؟  هل تلقى مساعدة من جنود بريطانييِّن متعاطفين؟ هذا موضوع آخر، لا يحب الفلسطينيُّون سماع حكايات التعاطف البريطانيّ، وهي حكايات مهمة ومؤثرة، ومثالها الأبرز، العمليَّات التي خطَّط لها الحسيني، لاحقًا، من مقره في بير زيت، وأشعلت شوارع القدس الجديدة. أمَّا المفاجأة، بوجود قائد بريطاني رفيع جدًا، ساند الجانب الفلسطينيّ، ولاحقته فرق الاغتيال، بعد تأسيس دولة الاحتلال. هذه أيضا قصة أخرى.

حقَّقت في ظروف استشهاد العاص، في منطقة وادي الغويط، ما بين قرى الخَضر، وحُوسان ونَحَّالين، في عرقوب القدس، الَّذي يمتد غربًا حتى الهضاب المنخفضة، صرة التقاء باب وادي القدس، صعودًا إلى جبل الخليل، وامتدادًا غربيًا إلى السهل الساحليِّ. يتخلل ذلك وادي الصرار، بطول يصل إلى أكثر من 70 كلم، يصب في البحر الشامي، بجوار النبي روبين، حيث موسم الصيف الفلسطينيِّ، الذي نُكب مع النكبة.

سار الرحالة ناصر خسرو على شارع القدس الخليل عام 1074, ووصف هذه القرى إنَّها جنة عدن. في التثاقف الاستعماري، يفخر المستوطنون، بما ذكره الرحالة الفارسي.

لسعيد العاص، حصة في روايتي وردة أريحا. لا يحتاج التذكير بأبي سعاد، وهي كنية المناضل صاحب السجل من العهد العثماني. مناسبة. ولكن التذكر مناسبته ما نشرته الكاتبة الملتزمة وطنيًا وقوميًا وطبقيًا ناديا خوست، ابنة التسعين ربيعًا، على صفحتها الفيسبوكية عن أبي سعاد. ومقطع من روايتها: وداع ولقاء في بلاد الشام (2002). التي تظهر فيها سعاد، طفلة يتيمة مريضة، لم يكن يملك والدها، حسب خوست، ثمن الدواء. تذكر الروائية، كيف تبنت: "نساء القدس وعمان جمع التبرعات لابنته سعاد".

حسب الروايات المحلية التي جمعتها، فإنَّ سعاد زارت قبر والدها في قرية الخضر، بقبته الخضراء، التي بنيت بتبرعات الخضريِّين، والتقت مع شهود عيان على معركة استشهاد والدها، التي حشد لها البريطانيَّون مئات الجنود، ارتقى أبو سعاد واقفًا. الضريح الآن محاط بالجدار الاحتلالي، قريبًا من حاجز شارع الأنفاق، الذي أراده المحتلون، بديلًا عن شارع القدس-الخليل التاريخي، فحفروا الجبال، وشقوا الشارع، وما زالوا يشقون، وفق المنهج الديكارتي، حسب إيال وايزمن.

انتمى أبو سعاد للحزب القومي السوري. يذكر شيخ المناضلين بهجت أبو غربية في مذكراته، أنَّ أبا سعاد زار فلسطين، للترويج لكتاب له.

#ناديا_خوست #سعيد_العاص #رواية_وردة_أريحا #أسامة_العيسة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق