أهلين

"من عرف الله سار، ومن سار طار، ومن طار حار". عجيل المقدسي.

الخميس، 21 فبراير 2019

ما حدث للمواطن الكفيف فجر يوم بارد






عدسة: أحمد مزهر
بيت لحم-الحياة الجديدة-أسامة العيسة-عندما سمع منذر طلال مزهر، ضربات أقدام في منزله، اعتقد أنه دبيب أولاده، وعجزت حواسه على تقدير ما يحدث، فهو لا يرى منذ 15 عامًا، بعد فقدانه البصر، ويغسل الكلى منذ 11 عامًا، ولا يستطيع السير إلّا بمساعدة اثنين، يمسكان به من الجانبين.
وعندما نهض من سريره ليعرف ماذا يجري، مع علو الجلبة في المنزل، صرخت زوجته، متفاجئة بالرجال الذين اقتحموا المنزل وأصبحوا في غرفة النوم، وبوغت منذر بأشخاص ينهالون عليه بالضرب، دون أن يعرف هوياتهم، أو لماذا يفعلون به ذلك، واعتقد أنهم ربما يكونوا لصوصًا، فأمسك بأحدهم كي لا يهرب، ولم يمض وقت طويل حتى علم أن الرجال الذين يعتدون عليه، ويتكلمون العبرية، ويرفضون سماعه ما هم إلّا جنود في جيش الاحتلال، كما أخبروه لاحقًا: "نحن من جيش الدفاع".
يستذكر منذر ما حدث: "كانوا يتحدثون العبرية دون أن افهم ماذا يقولون، وعندما أخبروني بأنهم من جيش الاحتلال، لم يتوقفوا عن الضرب الذي تركز على وجهي وكتفيّ".
وأضاف: "بعد أن تركوني، أمسكتني زوجتي، وأخذتني إلى الصالة، حيث احتجز الجنود أولادي، بعد إجبارهم على الوقوف ووجوههم إلى الحائط".
ولكن ماذا يريد جيش الاحتلال من منذر المريض؟ لا أحد يعلم، سوى أن الجنود الذين اقتحموا مدينة الدوحة، قرب بيت لحم، فجير اليوم، حيث يسكن منذر، دهموا البناية التي يسكن فيها، واعتقلوا ابن جاره في الطابق الذي يعلو شقته، وعندما غادروا أرادوا تأكيد حضورهم، بالاعتداء عليه.
أصيب منذر في رأسه، وسال الدم منه، ونقل إلى مستشفى بيت جالا الحكومي، حيث أحاط به أفراد من عائلته، وهم يشعرون بالأسى لما حدث لقريبهم.
وقالت شقيقته ميسون: "وصلت إلى شقة شقيقي، بعد أن سمعت أصوات تفجير أبواب المنازل في الدوحة، وعندما دخلت الشقة، وجدت الوضع مريعًا جدًا، بحيث شعرت أن وحوشًا كانوا في الشقة، وصدمت وأنا أرى شقيقي منذر ينزف دمًا، خصوصًا من وجهه، وتيقنت بأن الذين فعلوا ذلك بشقيقي لا يمكن أن يكونوا من البشر".
الصحافي أحمد مزهر، قريب المصاب منذر، عبر في حديث مع مراسلنا، عن صدمته وحزنه لما حدث لقريبه: "نشعر كعائلة بكثير من الغضب لما حدث لمنذر، خصوصًا بسبب حالته الصحية، التي اعتقدنا أنها يمكن أن تنجيه من أي اعتداء، ولكن جيش الاحتلال لا يعرف معاني الشفقة".
وأضاف: "أطالب كل صاحب ضمير بالتدخل، ورفع صوته عاليًا استنكارًا لما حدث لمنذر، وأدعو جهات الاختصاص الرسمية وغير الرسمية، إلى رفع قضية منذر إلى المحاكم الدولية".
على سرير الشفاء في المستشفى، يتمدد منذر، مربوطا بأجهزة طبية، محاولاً استيعاب ما جرى له، وتصور وجوه المعتدين عليه، دون سابق إنذار، في فجر يوم بارد، وإخراجه من دفء فراشه، على غفلة، وبكل هذه القسوة.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق