الجمعة، 30 مارس 2018
برنسيسة وأفندي..!
بنى الكاتب والصحافي المصري
صلاح عيسى، أسطورته، ككاتب يساري لا يساوم، وبدا غريبا أن ينتقل صاحب مجلد (مثقفون
وعسكر) إلى ما سماها وزير الثقافة في عهد الرئيس مبارك بالحظيرة.
ويبدو ان انتقاله إلى
معسكر السلطة، أثر على مكانته، وعلى الاهتمام بما أنتجه في مرحلته الأخيرة ككتابه
الضخم عن زواج (البرنسيسة والأفندي) وفيه يروي حكاية الأميرة فتحية شقيقة الملك
فاروق وزواجها من رجل قبطي اسمه رياض غالي.
يستخدم عيسى حكاية
الزواج، ليقدم بانوراما واسعة للحياة السياسية لمصر على مدى عقود طويلة، ويعرِّف
القاري على عشرات الشخصيات التي لعبت أدوارا رئيسة أو ثانوية، في مجلد أخرجته دار
النشر بشكل لافت جدا.
ربما يُذكِّر كتاب
عيسى، في جوانب معينة برواية (الحرب والسلام) لتولستوي، وقد يدهش المرء كيف كان
يتم في عصر مصر الليبرالي، استغلال اختلاف الدين في مسألة شخصية جدا، كالزواج، في
السياسة.
حكاية البرنسيسة والأفندي
في سبعينات القرن الماضي انتهت بشكل مأساوي، وقبلها انتهى عصر فاروق، وامتد حكم
خلفائه العسكر بتنويعات مختلفة حتى الآن.
الخميس، 29 مارس 2018
الاثنين، 26 مارس 2018
حنّون المصلوب..!
لم يكن ينوي الاضطلاع
بالمهمة، ولكنه تحمس لها، عندما وجد نفسه مندفعّا بقوة الشعارات، والروح الوطنية،
كظبي وثاب.
انطلقت الجموع هادرة،
تحمل على الأكتاف، صليبًا ضخمًا، تهتف ضد الاحتلال، الذي صادر جبل أبو غنيم، ليقيم
عليه مستوطنة (هار حوما)، وبدا للهادرين، بان كل العالم يسمعهم، وهم يرون الحضور
المكثف، وربما المبالغ به، لوسائل الإعلام، والتي حرص بعضها على بث الوقائع
مباشرة.
انشغل العالم بجبل
أبو غنيم، وأصبح آنذاك، أشهر جبل في العالم، زار الهادرين، على جبل الديك المقابل
لجبل أبو غنيم، دبلوماسيون، وسياسيون، ومطبعون على غرار الكاتب المصري لطفي الخولي
من جماعة كوبنهاغن، الذي أراد أن يتحلى بخفة دم فخاطب الصامدين:
-عايزين ايه يا
فلسطينية؟
ووصل صحافيون مثل
عماد أديب، الذي عندما وصل الجبل لاهثا، وجد نفسه محاطا بوسائل إعلام مختلفة،
ويدلي بتصريحات صحافية راديكالية، حذر فيها أميركا من مغبة السماح لمشروع الاحتلال
الاستيطاني بالنفاذ، وإلا فان الشارع العربي، سينفذ إلى المصالح الأميركية.
أشكال المقاومة
الشعبية المختلفة التي شهدها جبل الديك (وسائل الإعلام الفلسطينية والعربية أصرت
كذبا وجهلا ان الاعتصام الذي استمر فترة طويلة على جبل أبو غنيم)، تعددت، وحرص
الغاضبون على إظهار التنوع الديني في فلسطين، والتركيز على هوية أصحاب أرض الجبل
الدينية.
عندما وصل الهادرون
إلى قمة جبل الديك، وسط أمواج الهتافات والأغاني الثورية، كان كل شيء جاهزا
لاستقبال الصليب الضخم، الذي ثُبت في الأرض في مكان أُعد مسبقا، ووجد حنّون نفسه،
مندفعا ليمثل دور المصلوب على الصليب. فثُبت بإحكام، مفرود اليدين، والقدمين،
وتقدم أحدهم ووضع على رأسه إكليل الشوك، وبدا المشهد مثاليا من ناحيته التعبيرية
المتوخاة، وليختبر حنّون، كيف يمكن لابن الإنسان، أن يكون، في الوقت ذاته، ابن
الرب..
ولكن الأمر لم يستمر
طويلاً، حنّون المصلوب، فرح بدوره الوطني، والهادرون حوله يُسمعون أصواتهم للعالم،
وتصعد صرخاتهم للسماء، حيث مستقر المصلوب الحقيقي. تقدم جنود الاحتلال، وتساقطت
قنابل الغاز المدمع، وتقهقر الهادرون، وفوق رؤوسهم، تمر العيارات النارية ويتساقط
الغاز القاتل، محاولين، وقف معاناتهم بالبصل، أو تغطية أنوفهم بخرق، أو أي شيء
متوفر.
أمّا حنّون، الذي وجد
نفسه مقيدًا، ووجهه اصفرّ والبرد غزا شفتيه، على الجبل وحيدا على الصليب، فلم تكن
لديه أية فرصة ليستخلص العبرة من الموقف الذي أراده الرب أن يكون فيه، اختنق
بالغاز، وكانت مسألة تحرير أطرافه المثبتة على الصليب مستحيلة، صرخ، كفر، شتم
الهادرين، نادى، استنجد بالرب، وسب أبنائه الهاربين. كان في الواقع، يعيش لحظات
جحيمية، ومن مثل الرب قدرة على الغفران.
انت الدنيا برد كثير
ووجهه اصفر وشفايفة المسكين وهو على راس الجبل وفوق الصليب ولا مره بروح من بالي
كلما بتذكر الموقف بصير اضحك
نجا حنّون بأعجوبة من
الموت اختناقا على الصليب، بفضل، ويا للمفارقة، جنود الاحتلال الذين حرروه، لكي
يغلظوا عقابه، ولكن بالنسبة إليه فان أي عقاب لا يقارن مع الموت البطيء على الصليب
الحقيقي، مقدرًا معاناة المصلوب الحقيقي ابن البلاد الذي صعد إلى السماء قبل ألفي
عام، ولو عاد، لوجد أن لا شيء تغير في البلاد، ولاستغرب لماذا لم يقل حنّون، وقد
جرب الصلب، بأنه ابن آخر مثله للرب.
في التظاهرات
التالية، كان حنّون يسير في الصفوف الخلفية، ليكون أول الشاردين من بين الهادرين.
**
الصورة: عن صفحة اياد
قسيس
الأحد، 25 مارس 2018
الجمعة، 23 مارس 2018
المحتلون الأوغاد..!
ترتبط الحرب العالمية
الأولى بالنسبة للفلسطينيين بأسوأ الذكريات، وهي التي سميت بالسفر برلك، والتي كان
المجندون عندما يذهبون إليها، يوقنون بأنهم لن يعودون، ومن عاد منهم، سيعود مشوها،
كما حدث لأبي طبر في روايتي (وردة أريحا).
كتبها المرحوم ميخائيل
الخوري فريج يوميات عن تلك الفترة، واطلعنا عليها بفضل المؤرخ خليل شوكة: "إن
الحرب العظمى بدأت في 2 آب 1914، وهذا أزعج الدنيا وصار بلاءًا عظيمًا في البلاد،
الإنجليز أغلقوا البحر عن العالم، وصار ضيق وانقطعت الأسباب والأشغال، والذي كان
يساوي عشرة قروش أصبحت قيمته خمسة قروش ولكن لم يكن هناك شارِ، فالمعامل والمحلات
أغلقت، والفائدة على المصاري من الأغنياء كانت في المئة خمسون قرشاً، وضاقت الدنيا
في وجه الناس خصوصاً الفقراء الذين صاروا يشحذون وكأنه لا يكفي ذلك، فحدث هجوم
الجراد على البلاد وأكل التين والعنب وكافة الأشجار، وصار رطل العنب بِ 12 قرشاً،
والقليل القليل من المزروعات سلم من الجراد، ووصل سعر رطل الزبيب إلى 30 قرشًا،
وشرحه وقية الدبس 4 قروش، ورطل القمح 10 قروش، ورطل الشعير والعدس 7 قروش. وكان
الضيق لا يوصف، وقام جمال باشا القائد العسكري وزاد الضغط على الناس، وكان الذي
يضبط وعليه خيانة للدولة أو مؤيد للثورة يتم إعدامه أو شنقه أو رميه بالرصاص،
وصارت فائدة القرش قرش في السنة، وكثير من الناس ماتوا من الجوع لعدم وجود الأكل
حتى صار الوفيات في العساكر، ولم يكن هناك أحد لدفنهم، حيث يتم دفنهم مباشرة بدون
مراسيم الصلاة عليهم. ونتيجة لقلة أو لانعدام الأكل صارت الناس من الجوع تفتش على
وسخ وبعر الحيوانات، كل الناس باعت مصاغها وأثاث بيوتها من أجل شراء الأكل. وفي
شهر كانون أول 1916، صار كل 3 أرطال قمح سعره ليرة عثماني (100قرش)، وكانت الناس
تصيح في الشوارع وفي الأسواق (جوعانين)، ووصل رطل القمح إلى 45 قرش، وكثير من
الناس حملت ديون كبيرة بالفايدة وأصبح الوضع لا يطاق. ولما انهزمت القوات
العثمانية، صار الجنود والعساكر تهرب وتشرد من القواعد العسكرية، وبدأ النهب على
بيوت الناس".
وأضاف فريج:
"دخل الإنجليز بعد حصارهم للقدس 20 يوماً في 25 تشرين الثاني يوم عيد القديسة
كاثرينا، وحضروا إلى بيت لحم مع قوة كبيرة وصار ضرب مدافع على طول الخط، إلى أن
انسحب الأتراك من القدس وبيت لحم يوم 26 تشرين الثاني، وصار فرح عند الناس وصارت
الناس تقول لبعضها (كل عام وأنتم سالمين)".
في وطنٍ مثل فلسطين،
تعوّد ناسه على الاحتلالات، عادة ما يمني الناس أنفسهم بأن المحتل الجديد، سيكون
أفضل من المحتل القديم، وهو ما حدث مع النّاس مع انتهاء الاحتلال العثماني الإقطاعي،
فهنئوا أنفسهم كما يقول فريج، وكتب اسكندر الخوري البيتجالي مرحبا ببني التايمز،
ولكن سرعان، ما كشف المحتلون الجدد، كما فعل من سبقهم، عن وجهٍ آخر.
تبا للمحتلين
الأوغاد، عندما يخيبون ظن المحتلين المساكين، الذين سيبدأون التحسر على المحتل
السابق، ولكن هذا، ويا للغرابة، لم يحدث مع بني عثمان.
وقد يكون من
المفارقات، انه خلال تلك الفترة التي انتشرت فيها المجاعة، وفتكت الأوبئة بالنَّاس،
ان تشهد بيت لحم، طفرة في بناء القصور، بأموال أبنائها العائدين من المهجر، مثل
قصر ميخائيل القوّاس في حارة النجارة، ودار جاسر.
**
الصورة: نقش على مدخل
قصر القوّاس، يؤرخ لتاريخ البناء.
الخميس، 22 مارس 2018
الإستزلام..!
إحدى آفات الحركات
الوطنية الفلسطينية المتتالية، هي ظاهرة (الإستزلام) والتي تمثل مستوى تطور مجتمعي
توقف عند حد معين، وما يرتبط به من مصالح. يتغذى الإستزلام على نزعات عشائرية،
ومناطقية، ومافاوية.
مارس المفتي أمين
الحسيني الإستلزام، وأحاط نفسه بمن أطاعه طاعة عمياء، ورفعه إلى مراتب فوق بشرية
كما فعل مثلا عيسى البندك في مذكراته.
في كتابه (رحلة العمر
من شاطئ غزة إلى صحراء الجفر) يتحدث عبد العزيز العطي عن عقد مؤتمر العمال العرب
بتاريخ 12 أيلول 1946م في سينما الحمراء في مدينة يافا (على الأرجح انه يقصد عام
1947م).
ويذكر: "تحدث في
المؤتمر قائد "منظمة الفتوة" شبه العسكرية السيد كامل عريقات، التي
أنشأها مفتي القدس الحاج أمين الحسيني، مقابل "منظمة النجادة" التي
أنشأها المحامي محمد نمر الهواري، وما أزال أذكر بعض ما جاء في كلمة عريقات، إذ
قال: أنا لست بالخطيب، إنما رجل عسكري، فإذا أمرني سيدي هذا، (وأشار بيده إلى صورة
الحاج أمين الحسين المعلقة في زاوية المسرح)، فسألقي باليهود في البحر".
من صفات المستزلمين
المبالغة في مسح الجوخ لمرؤسيهم، كما فعل كامل عريقات، الذي سيجد نفسه وسيده ومعهم
أغلبية الشعب الفلسطيني مطرودين من ديارهم، بعد أن تبجحوا بإلقاء اليهود في البحر.
ويضيف العطي: "وألقى
عدد من القادة النقابيين كلمات في المؤتمر، أذكر من بينهم خليل شنير. وفوجىء
المؤتمرون بخبر اغتيال السيد سامي طه في حيفا، زعيم "جمعية العمال
العرب"، التي مقرها مدينة حيفا، وكان سامي على علاقة قوية مع حزب العمال
البريطاني، وينوي تشكيل حزب عمال فلسطيني من النمط ذاته، ويبدو أن جريمة الاغتيال
قد نفذت في ذلك الوقت بالتحديد، في محاولة لإلصاق التهمة بالشيوعيين، لكن عريف
الحفل، الذي بث الخبر، أعلن باسم المؤتمر إدانة تلك الجريمة النكراء".
اغتيال النقابي سامي
طه يوم 11-9-1947م، أحد الأحداث المفصلية في الحركة الوطنية والنقابية قبل النكبة،
ويعتقد على نطاق واسع انه اغتيل من قبل رجال المفتي، وبأوامر منه، حيث توسع في
عمليات الاغتيال الداخلية، التي لم يجري فيها أي تحقيق حقيقي أو مراجعات، حتى ان
بعض حوادث الاغتيال، كما يعتقد بعض من الأجيال الجديدة نفذتها العصابات الصهيونية،
ومثال ذلك اغتيال الدكتور أنور الشقيري في عكا، الذي قدم في إحدى المسرحيات كضحية للإرهاب
الصهيوني، في حين انه ذهب ضحية إرهاب الحاج أمين، وكان لاغتياله صدى واسعا في
حينه.
وكان لاغتيال سامي طه
أثره على مواقف عصبة التحرر الوطني التي تأسست لتضم الشيوعيين والديمقراطيين
العرب، ويذكر العطي، بان العصبة قررت مقابلة اللجنة الدولية التي وصلت فلسطين
للاستماع لآراء العرب اليهود في فلسطين، ولكن الهيئة العربية العليا التي يرأسها
المفتي حذرت من مقابلة اللجنة، فتراجعت العصبة عن مقابلة اللجنة الدولية، ويعتقد
العطي ان "مرد ذلك يعود إلى خشية قيادة العصبة من التعرض لحملة اغتيالات كما
جرى لسامي طه".
ويقدم لنا صلاح صلاح
في مذكراته صورة سوداوية للوجهاء أعضاء الهيئة العربية العليا بعد النكبة عندما أصبحوا
في المخيمات، وجهدوا ليحافظوا على صورتهم الشكلية حتى لو تم ذلك التعاون مع المكتب
الثاني اللبناني.
ومن صفة المستزلمين،
قدرتهم على تغيير سيدهم، وما أسرع ما غير كامل عريقات موقعه، وكذلك فعل عيسى
البندك، فأصبحا في خدمة خصوم المفتي، وتوليا مناصب مهمة في الدولة الأردنية.
وفي كل مرة يقرب زعيم
الحزب، أو الحركة، ما يعتقد أنهم أهل الثقة، ويبعد أهل الخبرة، وفي كل مرة يخسر،
ويخسر الوطن.
**
الصورة: الشهيد سامي
طه
الثلاثاء، 20 مارس 2018
فتح 1967م..!
جهز يوسف الرطاسي،
بطل رواية (جسر على نهر الأردن) المرابط على الحدود مع بيسان في حزيران 1967م،
نفسه ليلتقي ورفاقه مع الجيش المصري في تل أبيب، ولكنه وجد نفسه، في ظروف غير
مفهومة له، يقطع نهر الأردن، جنديا مهزوما، هروبا إلى الشرق، ليقطع النهر، بعد
فترة، عائدا إلى الأرض المحتلة فدائيا، بعد انضمامه لحركة فتح، والمقاومة
الفلسطينية التي طرحت نفسها ردا على هزيمة الأنظمة العربية.
في حارتي التقطت هذه
الصورة لأطفال من الحارة يجلسون تحت غرافيتي لبيان حركة فتح الأول، بعد أكثر من
سبعين سنة من النكبة وأكثر من خمسين عاما على النكسة.
أية نكبات وأية نكسات
في انتظارهم..!
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)