أهلين

"من عرف الله سار، ومن سار طار، ومن طار حار". عجيل المقدسي.

الخميس، 10 نوفمبر 2022

إحياء الأيقونات المقدسية في حارة الأرمن






يحافظ أرتين نالبانديان (أبو جابي) وابنه جابي، على فن الأيقونات المقدسية المحلية، الذي يشهد تراجعا منذ عقود، كحرفة، وسياق ثقافي.

في قلب حارة الأرمن، في القدس القديمة، يوجد مرسم أبو جابي الذي يعمل في حرفة الأيقونات المقدسية، منذ خمسين عاما، أما ابنه جابي، فيعمل بها منذ عام 1987م.

بدأ أرتين العمل، بالرسم على الفخار في سن مبكرة. ثم انتقل إلى العمل في النجارة، حتى بدأ العمل كرسام أيقونات، ونقلها إلى ابنه جابي. أصبح جابي يعمل كأيقونجرافي ومرمم للأيقونات القديمة. تمثل مصدر الدخل الرئيس للعائلة.

نظم برنامج حكاية تراث فلسطين، مسارا للتعرف على الأيقونات المقدسية، ضمن مشروع "فرصة" الممول من صندوق الأمم المتحدة.

قاد المسار هنا إرشيد، وإياد حنضل، المهتمين، إلى مرسم ومنزل عائلة نالبانديان. يقول إياد وهنا: "احتضنت القدس فن الأيقونات، وكانت بمثابة مرفأ لهذه اللغة البصرية، ومركزا للإنتاج والابتكار بامتياز. ابتكر المصورون العرب المسيحيون، النقوش العربية الأولى على الأيقونة في القرن السابع عشر الميلادي، من أمثال يوسف الحلبي، الذي يعتبر أحد رواد فن الأيقونات، وعائلات حلبية أخرى مثل عائلة طادرس، التي انتقلت من حلب إلى القدس. ساهم رواد فن الأيقونات العرب في تقريب النص الإنجيلي أو الأسطورة الدينية من السكان المحليين، خاصة بعد إضافتهم نصوص عربية تشرح معاني هذه الرسوم".

يضيفا: "تعلم بعض هؤلاء الفنانين المقدسيين الرسم في مدرسة (القدس في التصوير الأيقوني)، وحرصوا على توقيع أيقوناتهم بأسمائهم باللغة العربيَّة متبوعة بكلمة قدسي، وفي بعض الأحيان الأورشليمي، وهو اسم بيت المقدس كما ورد في النص الإنجيلي. البعض الآخر استلهموا مسيرتهم الفنية بتعلم فن الأيقونات، ثم بدأوا برسم اللوحات الفنية التي عبرت عن رغبات وأحداث سياسية معينة، وشخصيات محددة، ومنهم من اهتم برسم الطبيعة ومن هؤلاء المقدسيين: جريس جوهرية (1910)، وخليل حلبي (1889-1964م)، ونقولا الصايغ (1863-1942م)، ومبارك سعد (1880-1964م)، ونهيل بشارة (1919-1997م)، وصوفي حلبي (1906-1998م)، وزلفى السعدي (1905-1988)".

تحدث جابي عن مهنته: "بدأت الأيقونات منذ زمن الرسول لوقا، تلميذ المسيح، عندما رسم العذراء. مع التطور، وضع الفنانون في كل عصر بصماتهم الخاصة على فن الأيقونات، لكن الذي هيمن هو فن الأيقونات البيزنطي، بالنسبة لنا في القدس، فإنه في عام 1759م، وجدت في دير المصلبة في القدس مدرسة للأيقونات، تعلم فيها محليون، وبدأوا يرسمون بنمط مختص أكثر بفلسطين، أصبح يسمى الأورشليمي أو المقدسي، اشتهر هذا النمط أيضًا في حلب، جاء فنانون من حلب إلى القدس واستقروا فيها. بين عامي 1750 حتى 1910م، انتشر الرسم بالنمط الأورشليمي المقدسي، ثم دخلت أنماط أخرى، أزاحت المدرسة الأورشليمية المقدسية، وعادت المدارس البيزنطية، لتهيمن على فن الأيقونات. أعود الآن، مكملًا مسيرة والدي لإحياء هذه المدرسة المحلية المهمة. عملت مدرسة في بيت لحم، وأعطيت دورات، ولكن واجهتنا صعوبات، مثل تدبير مكان ملائم، فاضطررت للتوقف، أحاول أن أعمل شيئًا، ولكن المهم، أن نجد من يكون مهتمًا بالموضوع، المسألة ليست سهلة".

أوضح إياد حنضل: "فن الأيقونات، يورث، مثلا عائلة طيادرس، خمسة أجيال منها تعلمت هذا الفن، الذي تفتخر به العائلة التي تحترف المهنة، وعادة يكون لديهم حرص، على عدم تسريب أسرارها للخارج. أبو جابي علَّم ابنه، ونأمل من جابي أن يعلِّم أولاده".

يقول جابي: "حاولت تطوير نفسي ذاتيا، درست في روسيا، ومع الخبرة العملية، يمكن للمرء أن يتعلم بنفسه".

عن الفروق بين المدرسة الأورشليمية المقدسية والبيزنطية، يقول جابي: "البيزنطية لا تصور عادة، الطبيعة، تهتم أكثر بالنواحي الروحية، فنانوها يستخدمون الألوان الغامقة لتصوير الوجوه، وليس الألوان الطبيعية، بينما نحن في الفن المقدسي نجمع بين الكلاسيكي والبيزنطي، بنمط واحد، تظهر ملامح الوجوه لدينا أكثر من البيزنطي، لدينا الوجوه عريضة، والعيون أكبر، والألوان، أيضًا، تختلف، وفي أيقونتنا، يمكن رؤية زخارف أكثر".

من الذي يهتم الآن، بفن الأيقونات الأورشليمي المقدسي؟

يجيب جابي: "نعمل الآن أكثر مع الروم، عموما فإن الأكثر اقتناء لأعمالنا، هم الكنائس الأرثوذكسية من يونان وروس".

شرح أبو جابي حول المواد الأولية المستخدمة في فن الأيقونات: "نستخدم تربة ملونة، مع صفار البيض والخل والماء، التربة هي من حجارة طبيعية، تطحن، وتمزج مع صفار البيض".

أكمل جابي: "مع كل صفار بيضة، نضع معلقة تراب، ونمزجه بالخل، والماء".

يعتقد جابي، أن لكل رسام بصمته: "يستحيل أن يتشابه عمل فنان مع آخر، يمكنني تمييز عمل رسام عن عمل الآخر".

حمل جابي، في مرسمه، أيقونة عذراء بيت لحم، التي نقشت على نوع من المعدن وثرية بالزخارف.

قال: "تتميز الأيقونة الأورشليمية المقدسية، بأرضيتها الذهبية، والزخارف، والوجوه العريضة".

أشار إلى أيقونة روسية معلقة على الحائط، كان من السهل، تمييزها عن النمط المقدسي، من حيث الألوان، والوجوه، والأبعاد.

https://www.alhaya.ps/ar/Article/142186/%D8%A5%D8%AD%D9%8A%D8%A7%D8%A1-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%8A%D9%82%D9%88%D9%86%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%82%D8%AF%D8%B3%D9%8A%D8%A9-%D9%81%D9%8A-%D8%AD%D8%A7%D8%B1%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B1%D9%85%D9%86

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق