عندما
قابلت الراهبة القبطية، قبل فترة طويلة نسبيًا، في دير الأقباط في حارة العناترة
في بيت لحم، ما كان يغضبها، أن أولاد الحارة: "يشتمون قيادتنا السياسية"
فقلت إنّ عليها ألّا تزعل، لأنَّ هؤلاء الأولاد قليلي التربية يشتمون قيادتنا
السياسية أيضًا، وأظنهم، لطبع تهوري نشأ معهم، على استعداد لشتم أيّة قيادة سياسية
في العالم.
وكل
من له قيادة سياسية، عليه أن لا يزعل إذا شتمها أحد، فهي التي يمكن أن تجلب لنفسها
الشتائم أو الهتافات. التفتوا مثلاً للرئيس التونسي المنتخب، الذي لم يهتم بتقديم
مشروعه النهضوي لتونس، بقدر اهتمامه بذكر فلسطين، فأثار الحماسة، والتهليل.
الراهبة
الطموحة، تمكنت من شراء منزل قريب من الدير الذي هو كان أصلاً منزلاً محليًا في
الحارة التي تعتبر من أجمل حارات بيت لحم القديمة، لحفاظها على معمارها التقليدي.
قُوّيت
أساسات المنزل المكون من طابق واحد، لترتفع فوقه كنيسة في طور البناء، باسم كنيسة
شهداء القرن إل 21 والبابا كيرلس السادس معًا. فلأنه لا تبنى الكنائس دائمًا، فمن
الأفضل عدم الاحتفاظ بأسماء مقترحة لكنائس قادمة.
لا
أعرف من هو مهندس الكنيسة، ولكنه لا شك واجه صعوبات في التصميم في الموقع الضيق،
المحاط بطرقات صغيرة من جهاته الأربع. لم يراع المعماري تقاليد البناء في الحارة،
وإن استخدم الحجر الفلسطيني المحلي الأحمر، وحجارة بيضاء حول الفراغات، وزيّن
الكنيسة بأشكال للصليب نافرة من الحجارة، ووزعها في أمكنة مختلفة على الواجهات، لتعطي
هوية للكنيسة الأرثوذكسية. وإن بدا ذلك كقميص مشجر بولغ في رسوماته.
كنيسة
الأقباط هذه، أجدد كنيسة تبنى في فلسطين، وتشير إلى الجهد القبطي، للاستحواذ على
مكان قريب من كنيسة المهد، ويربط الحاضر، من خلال اسم شهداء هذا القرن، بالماضي
باسم البابا كيرلس. وفي الوقت ذاته ترتفع الكنيسة بمعمارها الجديد، لتواجه معمار
الحارة القديم، ما يثير التناقضات البصرية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق