لا ينكر الدكتور علي
عبد الرءوف المجاز في الدكتوراه في موضع دراسة الإبداع المعماري والعمراني في
كتابه (من مكة إلى لاس فيجاس)، دور الحكم السعودي، في تسهيل الحج، وتوفير الأمن
للحجاج، ولكن ذلك لم يمنعه من توجيه النقد الشديد والمحق، لما يجري في مكة
المكرمة، من هدم مبان تاريخية، بعضها لها علاقة مفترضة بالرسالة المحمدية،
وبالمسلمين الأوائل، وبناء أبراج ضخمة، تطل على الكعبة، مخصصة لأغنياء المسلمين
الذين يمكنهم، وفقا لمجموعة من الفتاوى من شيوخ الوهابية، الصلاة في غرفهم المكيفة،
وكأنّهم يصلّون في الكعبة، ولكنّهم لا يبذلون من جهد وتعب، كالذين يلبون نداء الإيمان
أسفلهم.
عنوان الكتاب يبشر
بوجبة نقدية تحليلية عمرانية دسمة، ولكن الحال ليس كذلك، وللأسف، فالكاتب الذي
يقدم نفسه كناقد عمراني وحاصل على رسالة الماجستير في النقد المعماري، يجتر ما كتب
قبله ويقتبس تصريحات وفقرات من مقالات تندد بعمليات الأعمار في مدينة مكة الفاضلة
التي تشبه تلك التي في لاس فيجاس مدينة الخطيئة.
يقارن الكاتب بين
الكارثة في مكة، وما يحدث من صيانة للمعالم الأثرية في الفاتيكان والقُدْس،
والموضوع مغر، لعمل مقارنات علمية ونقدية، ولكن، وللأسف أيضًا وأيضًا، يكتفي
الكاتب بأسطر وفقرات فقيرة ليؤكد كيف حافظ الكاثوليك على عاصمتهم الروحية، وكيف
حافظ الإسرائيليون على القُدْس، ويقصد القُدْس القديمة، ويذهب الكاتب أبعد من ذلك
فيما يتعلق بالقُدْس ليبدي إعجابه بما فعله الإسرائيليون: "لا يمكننا إنكار
مطامع إسرائيل في السيطرة على مدينة القدس ومكوناتها، ولا يمكن أن ننكر الجهد
الحثيث الذي يبذل من جهة قوى الاحتلال لتهويد القدس، ولكن المثير للدهشة بل والإعجاب
أحيانًا، أن كل هذه الجهود تتم بدون الإجهاز على قيمة المكان وتدمير مقوماته
التراثية والتاريخية، وإفقاده مكوناته الروحانية والمقدسة" ص 154.
أهلا بالنقد
المعماري..! أعتقد أن الإسرائيليين أنفسهم سيضحكون من هذه الترهات ولن يصدقوا أنها
عنهم..!
لا اعتقد أن من
المفيد مناقشة الجهل، ولكنني أريد أن أشير فقط إلى بعض ما يمكن أن يثير الإعجاب من
الإسرائيليين؛ تدمير حارة المغاربة وعمرها نحو إلف عام على رؤوس سكانها بعد أيام
من احتلال القدس، لتصبح ساحة المبكى، والى الحفريات التي لم تنته حتى الآن جنوب أسوار
القدس، والى الجيوب الاستيطانية على بعد أمتار جنوب المسجد الأقصى في سلوان التي
دمرت الآثار، والى ما جرى في (الحي اليهودي) نفسه، وأورد التسمية بين هلالين، لعدم
موافقتي على التقسيم الديني والإثني في القدس، وتهويد الكاردو الروماني، وغيرها
وغيرها وغيرها...!
كيف يمكن لدكتور الإبداع
العمراني وماستر النقد المعماري، أن لا يعرف، بأن مخططات تغيير معالم القدس، بدأت
في الواقع منذ الاحتلال البريطاني، ولتدمير الهوية الفلسطينية للمدينة.
المزعج في الكتاب أو
الكراس، بالنسبة لي هو أن الذي كتب المقدمة البروفيسور ناصر الرَّباط، وهو معماري
مهم، أكن له الاحترام، ولا أعرف كيف يمكنه الإشادة بمثل هذا الكراس التجميعي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق