أهلين

"من عرف الله سار، ومن سار طار، ومن طار حار". عجيل المقدسي.

الاثنين، 7 مارس 2022

اسكندر الخوري بين ثقافتين




 


عاصر اسكندر الخوري البيتجالي (1890-1973) عدة عهود توالت على فلسطين، كان فيها قاضيًا، ومحاميًا، وأديبًا. تردى وضعه المادي، خصوصًا بعد الاحتلال الإسرائيليِّ، إلى درجة العوز، كما روى المحامي الراحل جودة شهوان في كتابه (ذكريات وشطحات) الصادر عام 2014، وأدى ذلك إلى سفره إلى البيرو، ولكنَّه: "لم يوفق في مسعاه للعيش بكرامة فامتهن عملًا أشبه بالتسول، وهو أنَّه أخذ يقف في زوايا الشوارع في العاصمة ليما، حاملًا المسابح التي كان قد اخذ كمية منها من بيت لحم، ليبيعها في تلك البلاد"

نموذج متكرر، لمصير أديب عربيِّ. قال خضر سلامة (يسار الصورة) "جمعيًا، معشر الكتَّاب، سنشحذ في النهاية".

بعد وفاة البيتجالي، اتصل أحد أبناء الأديب الراحل بشهوان، وطلب منه تشكيل لجنة لتسلم مخطوطات والده وكتبه والعمل على نشرها، وقررت اللجنة المشكلة الاحتفاظ بالموجودات لدى بلدية بيت جالا، إلَّا أنه تبيَّن فيما بعد: "أن الجزء الأكبر من المخطوطات قد فقد نتيجة لوضعها في مكان مهمل، في دار بلدية بيت جالا، تسرح وتمرح فيه الفئران، فأتلفت ما تيسر لها من الأوراق".

تمنى شهوان، قبل رحيله، طبع مؤلفات الفقيد: "وتوزيعها في جميع أنحاء فلسطين والمهجر". ها هي الأمنية تتحقق، بعد جهد للجنة خاصة، عملت خلال عامين على جمع ما تمكنت من جمعه من تراث الراحل.

ما عكر حفل إطلاق أعمال البيتجالي، طغيان ثقافة ضيوف الشرف والرسميِّين ورجال الدين، الذين فصل بينهم، وبين باقي الجمهور شريط أحمر، يُمنع تجاوزه.

 التقسيم الوظيفي للجمهور، لا يصنع ثقافة، وإنما يكرِّس المنصبية، لدى شعب تحت احتلال، يساوي فيه بين المحتلين.

الرسميُّون، والشرفيُّون، ورجال الدين، ليسوا من منتجي الثقافة ولا مستهلكيها، وإن أخذوا الكتب هدية، فيمكن أن تدرس بعد فترة، تطول أو تقصر، مثل ما حدث مع درس ما "تيسر" من مخطوطات البيتجالي في البلدية.

(التايتنك الثقافية)، رمز لتقهقر الواقع الثقافيِّ في الأرخبيل الفلسطينيِّ، كما هو الوضع السياسيِّ.

عدسة: صفية عمر.

#اسكندر_الخوري_البيتجالي

#بيت_جالا

#صفية_عمر

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق