في يوم 26 نيسان
2019م، أغمضت ألينا بيستريتسكايا، عينيها إلى الأبد في موسكو، كان ما زال كثيرون
حول العالم يذكرون موتها الملحمي في فيلم الدون الهادئ المأخوذ عن رواية ميخائيل
شولخوف التي تحمل نفس الاسم، وذرف الملايين دموعهم على نهايتها المروعة في بلاد
مزقتها حروب لا تنتهي.
ولدت ألينا في الرابع
من ابريل 1928، في كييف في أوكرانيا، وستصبح دارسة الطب، واحدة من أبرز الممثلات
في صناعة السينما السوفيتية والروسية.
يمكن الآن تخيّل أية
حياة عاشتها في بلاد تشبه بلادنا، يمكن للواحد منا ومنهم أن ينام وهو يحمل هوية معينة،
ويصحو ليجد نفسه يحمل هوية أخرى.
هكذا جسدت آمال وآلام
القوزاق في رواية شولخوف، الذي كان رسميًا عضوًا في اللجنة المركزية للحزب الشيوعي
السوفيتي، ولكنه في الدون الهادئ، كان متمردًا على القوالب السوفيتية في الأدب.
الأدب الحقيقي-إن صحت التسمية- لا يمكن أن يخضع للقوالب الحكومية، والحزبية، وفي
حالتنا الفلسطينية الفصائلية.
انتزع شولخوف، بسبب إخلاصه
الأدبي، جائزة نوبل عام 1965، في ذروة الحرب الباردة، ولعل انتمائه الشيوعي
الرسمي، حماه من مصير مواطنه باسترناك الذي حصل على نفس الجائزة، وأجبر على رفضها،
وتحولت روايته الدكتور زيفاجو، ملفًا في الحرب الباردة.
بين ميلاد ألينا أوكرانية،
وموتها روسية، انهارت دول، وماتت أفكار، ودُفنت نظريات، وبقي الأدب والسينما، بقي
شولوخوف ودونه الهادئ، وشخصية المرأة القوزاقية التي حددت الحروب، والثورات، ورجال
الحرب والعصابات مصيرها.
ما زال شولخوف قادرًا
على إثارة دهشة ملايين القراء في أنحاء المعمورة. مثل أي كاتب، يعلي من قيمة ما
يكتبه على أية قيمة أخرى، هكذا أتخيله الآن، كان شولوخوف مثقفا نقديًا، اختلف مع
ستالين المخيف، ولم يقبل أن يكون مطبلًا في جوقة خلفه نيكيتا خروتشوف. عاش عامين
في موسكو، وعاد إلى نهر الدون الذي لا يتوقف عن الجريان هادئا،، ليمضي حياته، مثل
نهره، يخط ملحمته وناسه القوزاق.
كما في بلادنا، أيضًا
في بلادهم، تتحدد مصائر النَّاس، دون أخذ رأيهم، ولكن الغريب، أنَّ منا في بلادنا
المتشظية، من يحتقر الأدب والسينما، ويصفق للحرب والمحاربين.
#ميخائيل_شولخوف
#أوكرانيا
#القوزاق
#الدون_الهادئ
#ألينا_بيستريتسكايا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق