‏‏الشيخ المغربي لا يبيع البندورة

اعتاد المواطنون، في مثل هذه الأجواء التي خيمت على وطنهم خلال العدوان الأخير على غزة، ان يجدوا في الشوارع بيانات تصدرها الفصائل والأحزاب، منددة، ومستنكرة، ومتوعدة العدو بالويل والثبور، ولكن الأمر كان مختلفا في شوارع بعض المدن، التي وزع فيها بشكل واسع بيان، ولكنه لم يحمل اسم أيّة جهة سياسية، وإنما شخص عَرّف نفسه بالشيخ وعنوانه في قباطية- قرب جنين في شمال الضفة الغربية المحتلة.

وقدم نفسه: "الوحيد في البلاد للسحر الأصلي القديم والقوي، خريج بلاد المغرب"، وعرض البيان لمهارات الشيخ وهي: "فك السحر والأعمال، والمس الشيطاني، وصرع الجن والخوف والحسد، وفتح الحظ، ونجاح تقوية العلاقات الزوجية، والطب البديل، والعلاج بالأعشاب، وفتح مدهش بواسطة المندل وإخراج السحر".

وتعهد الشيخ للزبون: "يضمن لك النجاح في العمل، والحب، والزواج، ومعالجة العقم، والعلاج بالقران، والعلاج الروحاني"، ووصف صاحب الإعلان نفسه: "صاحب الخاتم السليماني"، وقدرته على صنع ما وصفها الإعلان: "الخواتم الروحانية، وخاتم المحبة، وخاتم الزواج".

هذا النوع مِنْ الثقافة، لا يظهر على السطح في المجتمع الفلسطيني، بفعل الأوضاع السياسية، والوعي الذي راكمته سنوات طويلة في مصارعة الاحتلال، لذا كان غريبًا بالنسبة لي عندما قرأت البيان، وقررت الاتصال بالشيخ، لمعرفة المزيد، وبدا لي صوته واثقًا قويًا وعدائيًا، وكأنه عرف بانني لست زبونًا متوقعًا، سألته عن الأسعار التي وضعها لخدماته، غضب قائلا: "وهل أنا أبيع البندورة؟". وطلب الاتصال بي لاحقا لانشغاله الشديد.

أعلم ان مصطلح "الشيخ المغربي" يحظى بشعبية، لدى الجموع التي تؤمن بالجان في المجتمع الفلسطيني، ويتبوأ مكانة لا يزاحمه فيها أحد.

يؤشر هذا البيان، على وجود عالم سري للسحر في الأراضي الفلسطينية، واقتصاد قائم على استغلال فئات فلسطينية كثيرة. وثقافة أخرى، غائبة عن اهتمامات المثقفين، تحتاج إلى الكشف. يبدو أن عالما آخر يجري مِنْ تحت أقدامنا.

http://www.qabaqaosayn.com/content/%E2%80%8F%E2%80%8F%D8%A7%D9%84%D8%B4%D9%8A%D8%AE-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%BA%D8%B1%D8%A8%D9%8A-%D9%84%D8%A7-%D9%8A%D8%A8%D9%8A%D8%B9-%D8%A7%D9%84%D8%A8%D9%86%D8%AF%D9%88%D8%B1%D8%A9