أهلين

"من عرف الله سار، ومن سار طار، ومن طار حار". عجيل المقدسي.

السبت، 18 سبتمبر 2021

غلبة ومغلوبون...!


 


غَلبت الروم، بعد أن غُلبت، بينما كان عرب الجزيرة يراقبون، ما يجري في فلسطين الهيلنستية، متأثرين، وطامحين، ومتشارطين.

تروي كتب التراث، أن النبيّ العربيّ كان يتابع الصراع بين الروم والفرس، الذين غَلبوا، وأكد أنهم سيُغلبون، وتشجّع أبو بكر المؤمن وراهن كافرًا هو أبي بن خلف (وصف المؤمن والكافر هنا لا يحمل أية صفة تقيمية أو قيمية وإنما استخدام أوصاف زمانها)، قبل التحريم الإسلامي اللاحق للرهان، على انتصار الروم، والحكاية طريفة. جعل أبو بكر، عندما هاجر، ابنه الكافر عبد الرحمن كفيلاً عنه إذا خسر، ومات بن خلف نتيجة إصابته من قبل النبي نفسه، فأخذ أبو بكر قيمة الرهان، بعد انتصار الروم، من ورثة بن خلف.

ستُغلب الروم مرّة أخرى، ولكن هذه المرّة، بشكلٍ حاسم، ومحيّر، على كسبة الرهان، وسيودع الإمبراطور البيزنطي هرقل سوريا، متأثرًا، وحزينًا، إلى غير لقاء. ولكن إلى أجل، فالشرق والغرب تناطحا، وما يزالان، فالأمور لم تحسم، ولن تحسم.

بعد معارك النصر العربية-الإسلامية في سوريا، الأمر لم ينتهِ بجلاء الروم عن هذا الجانب من حوض البحر المتوسط.

عثر مؤخرًا، قريبًا من يافا، على عملة ذهبية للإمبراطور لهرقل، الوجه الثاني لها، مثير للاهتمام، رمز الصليب على ترميز الجلجلة في القدس، عقيدة الديانة الرسمية التي تبنتها الإمبراطورية البيزنطية، بعد قرون من الظهور المفترض للسيد المسيح؛ موت المسيح وقيامته.

معلومتنا عن التاريخ المبكر للمسيحية، يشبه إلى حد كبير معلوماتنا المنقوصة عن التاريخ المبكر للإسلام. نعرف أكثر عن الإرهاصات الغنوصية-الهرمسية التي أدت إلى المسيحية، وتغلغلت في الفرق الإسلامية. لا شيء، ثقافيًا، يمكن أن يوجد، من العدم. الثقافة هي ما تبقى، وعَلق، واستقر، وأُوول.

على هذا الوجه من العملة، حروف بالاغريقية، وحرف باللغة العربية. لم يكن للمسلمين الأوائل عملة، فاستخدموا عملات الامبراطورية المنسحبة.

إن غامر المسلمون بالسياسية، فلم يكن بمقدورهم، المغامرة بالاقتصاد، وسيحتاجون إلى ما بعد عبد الملك الأموي، لتكون لهم عملتهم الخاصة.

عملة يافا، كما يمكن لنا أن نسميها، وثيقة مادية، مجتزأة، ومنقوصة، على التاريخ المبكر للمسلمين مع فلسطين، الذين كتبوا، بعد فترة ليست قصيرة تاريخ منتصرين، لا يخلو من الاستعلائية لفتح فلسطين، بينما ما زالت رواية أهل البلاد، ضحايا استعلائية الفاتحين وأحاديتهم وسياستهم الاقتصادية والحربية، مغيبة حتّى الآن.

التاريخ الاستعلائي، ما زال مستمرًا حتّى يوم النّاس هذا. هُوية البلاد، بين الغلبة والمغلوبين، لم تحسم، ولن تحسم، مع ظهور المكبوت؛ وشائج القبيلة، والعقيدة، والغنيمة.

#يافا

#الإمبراطور_هرقل

#فلسطين_البيزنطية

#أبو_بكر

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق