احتاج
الرفيق ترومان لإحدى عشرة دقيقة، ليعترف بإسرائيل الوليدة ويمهر قراره، على سبيل الإحراج
من ضحايا "جنون هتلر"-كما كتب.
الرفيق
ستالين، كان أكثر فطنة من خصمه الأميركي، فلم يحتاج لأية دقيقة، بل أنّه، على سبيل
الإحراج من الرفاق الصهاينة الاشتراكيين، ومستقبل الثورة الاشتراكية العالمية، أمر
بشحن الأسلحة التشيكية للعصابات الصهيونية قبل الإعلان عن ولادة الوليدة، ولم يكتف
بذلك، فأمر بشحن جنود معها ليحاربوا مع
العصابات، شاركوا في المعارك حول القدس، وتخوم بيت لحم، وتمكّن المقاومون
من أسر عدد منهم في جبل المكبر، يبدو أنهم لم يعرفوا أين يهربوا في معارك الكرّ
والفرّ.
جريدة
فلسطين بوست، تعلن ولادة دولة إسرائيل، ويبدو أنها تنبهت، إلى ضرورة تغيير اسمها،
فأصبح جيروسالم بوست، على سبيل الإحراج من قارئ فطن، سيفطن للمفارقة، بين فلسطين الجريدة،
وهي تبشر بإسرائيل الوليدة الجديدة.
الشيوعيون
العرب، على سبيل الإحراج والطاعة، أيدوا ستالين وخلفاءه، واعتبروا قرار الرفيق،
آية في سِفر إنجيل جديد، يفوق أفيون الأناجيل كافة.
وعلى
سبيل الإحراج، من المجتمع الدولي، ستلحق المنظمة بدولٍ عربية سبقتها وأخرى لحقتها.
وعلى
سبيل الإحراج، أيضًا وأيضًا، وتعويضا عن الاعتراف السرّي، ستقدم دول عربية،
تعويضها، باستقبالات إمبراطورية، لأباطرة الدولة الجديدة.
في
محطة قدس شريف، حيث كان المسافرون يطالعون الجرائد، في انتظار القطارات، والآن يمررون
أصابعهم على شاشات صغيرة، بينما أصبحت المحطة، مركزًا للتسوق، أنشأه الطرف
المنتصر، ثمة ملصق يؤرخ لتلك اللحظة الفارقة في تاريخ الأرض المقدسة، وما أكثر
لحظاتها الفارقة، فلسطين بوست وهي تعلن ولادة دولة اسمها إسرائيل، قبل أن تغيّر
اسمها، في بلاد تغير أسماءها، وحكامها، بالسرعة التي يمكن لفتى أن يغيّر جرابه.
وحده
ابن الأرض، الذي لم يتفلسف، ويتأدلج، ويقاوم، وينظر للدول التي تتوالى عليه، كقدر
سماوي، لم يقرّ ولم يفرّ. لا يعرف أرضًا غيرها، حتّى لو استيقظ باكرًا ليكتشف أنهم،
غيّروا اسمها.