لكل من قادة الحركة الصهيونية
رحلته في فلسطين، مشوا على الأقدام، وبالمركبات للتعرف على البلد الذي سيستعمرونه،
والتقوا النّاس الذي لم يروا فيهم، إلّا استمرارًا لتقاليد الحياة كما جاءت في العهد
القديم، وتحمس بعضهم كبن غوريون مثلاً في اعتبار بدو فلسطين، الدليل على استمرار
تقاليد بني إسرائيل القدماء، وسير الرحلات إلى مضارب البدو الذين يثبتون بالنسبة
له، إدعاءات أيديولوجية.
بالطبع ستتغير الأمور،
وتمارس بحق شعبنا، بفئاته كافة، عمليات تطهير عرقي.
بالنسبة للمستوطنين في
الضفة الغربية، امتلكوا أيضا نظرة مزدوجة تجاه ناسنا، فمن جهة هم هدف للقتل،
والطرد، وسرقة أرضهم، ومن جهة أخرى، أعجبوا، وإن باعتراف بدا خافتا، وازداد مع
السنوات، بثقافتهم الضاربة الجذور.
ولكن لم تخلو النظرة
من استشراق بدا قديما، فلم يروا في تقاليد الفلاحين، مثلا، إلا استمرارا لنشاط
شخوص توراتية كراعوث المؤابية وبوعز.
في بداية القرن العشرين
انتشرت صور فلاحات بيت ساحور في حقل الرعاة، وكأنهن حفيدات راعوث، وبدن في الصور، بالأثواب
المطرزة، جميلات،مرفهات، والصور الكثيرة المتاحة الآن على مكتبة الكونغرس تكذب، ولا
تظهر فيها معاناة الفلاحات وكدهن في حقول الفقوس.
صور الساحوريات وقد
خلعن الثوب التقليدي، يظهرن على مواقع التواصل الاجتماعي الخاصة بمدينة ييت ساحور،
أقل جمالا من تلك الصور القديمة التي لم ير فيها مصورو الكولونيالية الأميركية في
القدس، إلّا استمرارا لحكاية راعوث في العهد القديم، وإنجيل متى.
هذه صور تعود
لسبعينات القرن الماضي، التقطها مستوطنون في الضفة الغربية، تظهر إعجابا بيوميات
الفلاحين الفلسطينيين، وتم نشرها من قبلهم على الفيس، ولكن ضمن مرجعية ترى في
الفلاحين، مشاهد فلكلورية ضرورية، في ملحمة العصف بالأرض والإنسان التي تنفذها الحركة
الاستيطانية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق