يمثل العهد الجديد
رواية فلسطينية جدًا، ليس فقط لكونه يقدم حكاية متمرد فلسطيني على المؤسسة الدينية
المحلية، ولكن أيضًا على السلطة الرومانية، من خلال تقنية الأصوات المتعددة، أو زوايا
نظر أربعة رأوا انه من الضروري كتابة ما خبروه، وسيحتاج العرب حتى ستينات القرن
الماضي، ليستخدم نجيب محفوظ التقنية في روايته البديعة ميرامار، الشجاعة في نقدها
لحكم العسكر.
قد يقلل من أهمية
زوايا النظر، أن ثلاثة من الرواة كتبوا الأناجيل التي تسمى الازائية، وسنرفع القبعة
ليوحنا، الذي حاول أن يكون متفردا.
وفي الواقع ان تقنية الأصوات
المتعددة لم تقتصر على الأناجيل الأربعة الرسمية، فتم الكشف، وربما سيكشف لاحقا
العديد من أناجيل الذين رأوا ضرورة أن يقدموا وجهات نظرهم، وقد يكونوا هم فعلا وتبوها
أو كتبها غيرهم وحملت أسمائهم كانجيل مريم المجدلية، وهي واحدة من أكثر شخصيات
العهد الجديد اثارة للجدل.
العهد الجديد رواية
المكان الفلسطيني، ومثل أية رواية حديثة ليس شرطا أن تكون الوقائع قد حدثت فعلاً،
عن طفل المغارة، الذي أضحى ملكا وسيدا وفاديا، وابنا للرب، وأخيرًا الرب نفسه، أحاطه
شخوص فلسطينية، وقبضة من المريمات، اللواتي أثّرن في وجدان العالم.
في مثل كل عام في مثل
هذا الوقت، كان أدونيس (السيد) يعود من الموت، ولاحقا وطأ السيد المسيح الموتَ
بالموتِ، وصعد للسماء، بعد أن فشل في بناء قدس جديدة، ومثل أبطال الروايات العظيمة،
نظر وهو على جبل الزيتون للقدس الحزينة، وعاتب المدينة، قاتلة الأنبياء والمرسلين إليها،
وذرف دمعة ساخنة على خده، حزنا، وألما.
ولم تكن المرة الأولى
التي يبكي فيها المسيح، فعندما وصل العيزرية وعلم بموت اليعازر، بكى، وأعاده إلى
الحياة.
وفي تقنيات الكتابة
الحديثة يوجد ما يسمى (وبكى المسيح) وهي تشبه تقنية قمة جبل الجليد العائم، التي
برع فيها همنغواي، حيث يترك للقارئ لتخيل ثلثي الجبل تحت الماء، في أعماق المحيط.
في كل عام، تؤثر أعظم
رواية فلسطينية على عدد غير معروف من الذين تصيبهم "لوثة القدس" وهم
يدركون انه يسيرون على الطرقات التي سار عليها ابن الأرض والسماء، والتي دخلها راكبا
حمارا، وفي كل عام تستقبل المشافي النفسية الاحتلالية نحو 20 من هؤلاء، للعلاج من
داء القدس.
يا لعظمة الرواية وتأثيرها..!
يا لعظمة من أوحت لهم
بأعمالٍ عظيمة مثل كازنتزاكس، وجوزيه ساراماغو، ومن ستوحي لهم..!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق