عندما وطأ أسير فلسطيني، أُطلق سراحه في أشهر عملية تبادل للأسرى مع الاحتلال في أواسط ثمانينات القرن العشرين، أرض الجزائر، قال: أنا الان في وطن اللاز، في إشارة الى رواية الطاهر وطار التي تحمل اسم بطلها، والذي يبدو أن شهرته طغت على شهرة المؤلف، على الأقل في ذلك الوقت.
يُعطي الأدباء الكبار أسماءهم لبلادهم، خصوصا تلك التي تنوء بأحمالها، لفترات طويلة، لذا فان القاريء عندما يقرأ عنوان كتاب امجد ناصر الجديد "في بلاد ماركيز" يعلم ان المقصود كولومبيا.
لكن ايضا كما يقول ناصر، يُعرّف محبو الفن التشكيلي تلك البلاد من خلال: "رسامها ونحاتها الكبير بوتيرو، والشعراء من خلال مهرجان مديين الشهير، وتجار المخدرات من خلال أقوى زعيم كارتيل في العالم بابلو أسكوبار. ويعرفها، أخيرا، عشاق الأغنية من خلال شاكيرا ".
تتوزع موضوعات الكتاب الذي وزع مع عدد نوفمبر الجاري لمجلة "دبي الثقافية"، على قسمين: "مالفي الإيطالية.. المدينة المعلقة: الجبل ليس سهلا"، ويُقدم ناصر الذي عُرف كشاعر، واتجه مؤخرا الى الكتابة السردية أو أكثَرَ منها، مقارنات وتماثلات بين العالم العربي الذي ينتمي اليه رغم غربته الطويلة في لندن، وبين العوالم الأخرى التي تحدث عنها.
يلاحظ ناصر ان الالهة تانيت لها قدسية عند اهل سردينيا، قبل التحول الى المسيحية: "فالتانيت الذي أصبح شعارا لمهرجان قرطاج السينمائي في تونس له قدسيته عند السردينيين أيضا".
والواقع ان تأثير تانيت امتد ليصل فلسطين، وهو ما تؤكده النقوش الخاصة بهذه الالهة، في مناطق متعددة في فلسطين الانتدابية. وربما الأردن.
يقارن ناصر بين اهتمام العربي بأثاره خارج بلاده، وبين الايطاليين الذين كانوا يراهم يتوقفون في المواقع السياحية الاردنية، الرومانية، ويلاحظ: "لسنا وحدنا من يقف أمام الأطلال لكن مع فارق واحد، ربما، هو اننا الوحيدون الذين نبكي عليها".
يهتم ناصر، بمصطلح (الساراسيون) الذي يطلقه الغربيون، او بعضهم، وضمن سياقات معينة، على العرب المسلمين، ويعود للقواميس، لمعرفة دلالته، ويجتهد في تقديم تفسيره الخاص، ويستبعد علاقته بسارة، لأنه لو كان كذلك لكان اليهود أحق بالمصطلح، كما يعتقد، ولكن التفسير قد يكون أسهل بكثير، فهذا المصطلح له من سارة نصيب، والمقصود به "عبيد سارة"، أي العرب، واحيانا، يصبح المصطلح "الهاجريون" باعتبارهم ابناء هاجر، جارية سارة.
ويلاحظ ناصر: "يبدو أن الكولومبيين، وربما كل شعوب اميركا اللاتينية، مصابة مثلنا بداء السياسة. تاريخ هذا البلاد يؤكد ذلك. يسار ويمين، وحروب خاسرة تطوي حروبا اخرى، هذا يشبه الى حد ما العالم العربي، كأن لا تراكم يحدث ولا ذاكرة تتذكر وتشهد".
وتَذَكّر وهو في بلاد ماركيز: "علاقة العالم العربي بالأفكار التقدمية والرجعية، والتجارب السياسية التي لم تفلح في قيام نظام يحقق الأدنى من صبوات العرب. بدت لي كولومبيا، وربما أميركا اللاتينية كلها، مصابة، مثلنا ايضا، بفقدان الذاكرة".
ويذهب أبعد من ذلك في مقارباته: "يبدو أن التشابه بيننا، كعرب، والأميركيين اللاتينيين، أكثر مما اعتقدت قبل أن اقوم بهذه الرحلة. المصائر السياسية، الفساد، العسكر، التوق إلى الحرية، هذه أمور متشابهات. لكن، ايضا، هناك تشابه لجهة تشكل المجموعات والتيارات الأدبية والتأثر بالحداثة الغربية، مع فارق أن اللغة الاسبانية تضع الذين يكتبون بها على تماس حتمي مع ما يحدث في الساحة الأوروبية على صعيد التعبير الأدبي والفكري. انها لغة اوروبية".
ومن هذه المقاربات ما يخص طباع الادباء: "لم يعمل ماركيز، حسب ظني، على رفع قامته فوق قامات الاخرين، ولم يغمغم أو يتلعثم عندما تذكر أسماؤهم امامه (كما يفعل بعض الشعراء والكتاب العرب عن مجايليهم) بل تجده طليقا، فائضا في مديحهم".
ويقتبس ناصر، كلمات لماركيز نُشرت في كتاب "رائحة الجوافة"، الذي صدرت ترجمته العربية عن دار أزمنة الاردنية: "ان تاريخ أميركا اللاتينية يتشكل من مغامرات هائلة عديمة الفائدة، وسلسلة من الأحداث المأساوية الكبيرة المحكوم عليها بالنسيان مُسبقا. نحن ايضا نعاني من داء فقدان الذاكرة. بمرور الوقت لم يعد أحد يتذكر مذبحة عمال شركة الموز قد وقعت فعلا، كل ما يتذكرونه هو العقيد اورليانو بوينديا".
ويعلق ناصر: "الناس تنسى الهزائم وتتذكر (الأبطال)"، ولكن قد تكون الامور أكثر سوءا، في العالم العربي، عندما يكون هؤلاء "الابطال"، مثقلين بالهزائم. ومع ذلك تُعلق صورهم في المنازل، ويبكيهم الناس، وهم يشعرون بثقل الفقد، فقد الاباء.
في بلاد العرب، وربما بلاد ماركيز: يعيش الدكتاتور، والَنْبيّ، والإمبراطور، بعد موته، يتذكره محبوه، ومبغضوه، يحملونه انكساراتهم، يحنون إليه، وإِلَى بطشه وجنونه وسحره، بشكل قد لا يكون مفهومًا.
I'm impressed, I must say. Rarely do I encounter a blog that's both
ردحذفeducative and interesting, and without a doubt, you've hit the nail on the head. The problem is something too few folks are speaking intelligently about. I'm very
happy that I found this in my search for something relating to
this.
Feel free to surf my blog :: transfer news football arsenal
of course like your web site however you need to take a look at the spelling on quite
ردحذفa few of your posts. A number of them are rife with spelling problems and I find it very bothersome to
inform the truth on the other hand I'll definitely come back again.
Feel free to surf my weblog football transfer rumours transfer news