محب النساء والميسر وصديق ‏‏‏‏‏‏ايلي كوهين

يحاول الخبير السياحي راجي خوري الذي ولد عام 1926 في حي شنلر في القدس الغربية، تقديم تجربته الحياتية المديدة، بدون رتوش، وبصراحة في مذكراته التي صدرت مؤخرا عن دار ديار للنشر في بيت لحم بعنوان (هذا انا).

وبسبب ما كرره اكثر من مرة في مذكراته، بانه وعد بان يكون صريحا مع القاريء، تظهر صورة خوري، الذي اصبح لاجئا بعد النكبة عام 1948، كمحب للنساء وللميسر.

وتكتسب سيرة خوري اهميتها، كما يذكر الدكتور متري الراهب في تقديم الكتاب، من كون: "صاحبها احد الذين عاصروا العهد البريطاني في سن الشباب، وعاش احداث النكبة الفلسطينية ونكستها، وعمل في لبنان وسوريا قبل ان يستقر به الحال في القدس. حيث تنقل الكاتب بنا من مرحلة تاريخية الى اخرى ومن بلدٍ عربي الى اخر لنتعرف على اوجه الحياة فيها. ليس من منظور المؤرخ الذي ينظر الى الامور بعدسته التاريخية او التحليلية. بل بمنظور رجل عاش الاحداث وعاينها عن كثب وكان شاهدا على عصر بأكمله".

شاهد على أيلول الاسرائيلية

وصف المؤرخ الاسرائيلي توم سيغف مرة، تفجير احدى العصابات الصهيونية لفندق الملك داود بالقدس، بمثابة عمل ارهابي كبير و"11 ايلول الاسرائيلية"، يشابه في وقعه تفجير برجي مبنى التجارة العالمي في نيويورك، وتوفر مذكرات خوري صورة عن ما حدث من زاوية اخرى.

يكتب خوري: "في احد الايام حيث الساعة تقارب الحادية عشر صباحا. كنت أدخن سيجارتي واحتسي قهوتي، على شرفة جمعية الشبان المسيحية قبالة فندق الملك داود واذا بي اسمع دوي انفجار هائل تبعه سحبا من الدخان الاسود الكثيف وبين طياته جثثا تتطاير في السماء. لأول وهلة تخيلت انني اشاهد فيلما افلام الرعب. ولكن عندما استفقت من هول الصدمة عرفت بالمأساة التي ذهب ضحيتها ما يقارب 91 شخصا بين نساء ورجال. كان بعضهم من اعز اصدقائي. بقيت ولأكثر من شهرين في حالة ذهول وحزن لما حصل ولتاريخه عندما اذكر هذه الحادثة البشعة تنتابني القشعريرة والغثيان والحزن الشديد".

انفتاح وتعصب

يقدم خوري، صورة عن اجواء بيت لحم والقدس بعد النكبة، تمتاز بالانفتاح الاجتماعي النسبي، المتمثل مثلا بإقامة الحفلات الراقصة، التي تجمع الشبان والفتيان، ومنها حفلات اقامها خوري في منزله.

ولكن مقابل هذه الصورة الحداثية، تبدو الامور اكثر سوداوية، عندما يتعلق الامر بالزواج المختلط ما بين الطوائف، خصوصا كما يقول خوري ما يتعلق الطائفة الكاثوليكية: "الويل كان ينتظر كل من تسول له نفسه من اعضاء الطائفة الكاثوليكية بقبول ارتباط زواج ابنته او ابنه من طائفة غير طائفته. كانت تقطع عنه جميع المساعدات ويُطرد اولاده وبناته من المدرسة وايضا يُحرم كنسيا".

ويتحدث عن المشاكل التي واجته ارتباطه، هو اللوثري، مع من اصبحت زوجته وهي كاثوليكية، وادى ذلك الى طرد اخوة الزوجة من المدارس، وتم طرد حماة خوري من الطائفة الكاثوليكية.

ويقدم خوري صورة مختلفة عن المتطوعين المصريين، خلال معارك 1948، والذين كان لهم دور خصوصا في محور القدس-بيت لحم: "خلال وجود المصريين في المنطقة ذقنا الامرّين من بطشهم وقسوة معاملتهم. حيث كانوا يجمعون الشبان يوميا ويجروهم قسرا وبالسوط الى المنطقة القريبة من مستعمرة رمات راحيل بحجة بناء استحكامات لدريء الخطر عن اهالي بيت لحم والمناطق المجاورة. اذكر اني كنت واخوتي اميل وسمير، من الذين اجبروا قسرا وبالسوط على الذهاب مع الاخرين".

ايلي كوهين

عمل راجي خوري في القسم الانجليزي في اذاعة وتلفزيون دمشق في الفترة ما بين عامي 1954-1965، ويشير الى الدور الذي لعبه فلسطينيون في هذا القسم: "من فطاحل اللغة الانجليزية وهم: سالم الخوري، ونايف خليف، ويعقوب مسلم".

ويروي خوري حكاية الجاسوس الاسرائيلي ايلي كوهين، الذي عرفته دمشق باسم كامل امين ثابت، والذي كان: "يحضر يوميا الى مبنى الاذاعة والتلفزيون لبث الاخبار والتعليق على الاخبار باللغة الاسبانية الى جميع الدول اللاتينية في قارة جنوب اميركا".

يتحدث خوري عن توطد علاقة بكامل امين ثابت: "دامت معرفتي به بضعة سنين وكان حديثنا دوما لا يتعدى اكثر من كونه في المواضيع الادبية والشعرية وعن مغامراته النسائية في بيونس ايرس وفي ودمشق، واحيانا عن نزواتي في سوريا وفلسطين. كان يتودد الي بشكل ملحوظ لدرجة ان بعض زملائي في الاذاعة باتوا يشكون بانه شاذ جنسيا. لكنه كان كثير البعد عن ذلك بل بالعكس لقد كان زير نساء".

فوائد القمار

جنى خوري من الشهرة التي وفرها له عمله في الاذاعة، علاقات نسائية مع سوريات، كانت تلقى تفهما من زوجته، ومن ولعه بالميسر وصل: "الى بيوت علية القوم ومنهم بيت رئيس الدولة خالد بك العظم اذ تعرفت على زوجته السيدة ليلى العظم"، ويروي نجاحه في تحدي السيدة العظم وفوزه عليها في لعب "الكرت". وفوزه بهداياها الثمينة.

ويقول: "كانت الاخت ليلى تهوى مجالسة الفتيان صغيري السن. وبكل تواضع فان محسوبكم كان المفضل عندها اذ كانت تخصني بكثير من الاشياء".

ويتحدث خوري بجرأة عن ولع ابنه الياس بمعاقرة الخمر: "في سويسرا تولع الاخ باحتساء الكحول بكميات كبيرة ولم يكن هناك أي رادع او صديق ينصحه بالتوقف عن هذه العادة البشعة".

وتسببت معاقرة الخمر بكميات كبيرة الى اصابة الياس بنزيف، استدعى نقله الى المستشفى، وكان راي الاطباء بانه سيموت بعد ساعات، الا انه نجا وبعد مكوثه نحو شهر في المستشفى، خرج ليف بوعده بتطليق الخمر الى غير رجعة.
http://www.alhayat-j.com/pdf/2012/10/17/page11.pdf