بالحكم على والد هنريت قرا، وإدانته بطعنها
حتى الموت قبل ثلاث أو أربع سنوات، لعلاقتها بشاب من غير دينها، يسدل الستار على ذكر
واحدة من شهيدات الحب في فلسطين، ولا يتوقع أن يتذكرها، في مقبل الأيّام، أحد.
فطالبة الثانوية العامة، التي طعنت بعد تخرجها، لم تعش لتدرك تعقيدات القبائل في
فلسطين، اعتقدت أن الحب يمكن أن يكون طوق نجاة. لن يكون لها بواكي، ولا فصائل تتبناها،
وتصدر بيانات، وملصقات باسمها.
لم يكن والد هنريت، مجرمًا، بل أن من عرفه أسبغ
عليه صفات الطيبة، ولكنّه كان سجينًا لنسخته من الدين، التي تحولت إلى هوية وحيدة
أو كادت.
من خلال أي قراءة سريعة لرسائل بولس الرسول،
لن نجد أي مانع من زواج مسيحية من غير دينها، وفي الدين الإسلامي، سنعثر على
تأويلات تسمح بزواج المسلمة من غير المسلم.
المسألة ليست لها علاقة بالدين فقط، الطوائف
في فلسطين، هي تشكيلات قبلية، حتى سنوات قريبة كانت تحرم الزواج فيما بينها. المجتمع
الفلسطيني يقبل أن تتزوج مسلمة أو مسيحية من أجنبي من غير دينها، وكذلك الأمر فيما
يتعلق بالرجال. المشكلة إذا كان الشريك أو الشريكة من فلسطين.
ليست الشهيدة هنريت، إلَّا تمار جديدة في
رواية الإنجيل المنحول لزانية المعبد، التي واجهت، قبل ثلاثة آلاف عام غضب السماء
والأرض لأنّها، وهي الكنعانية، تزوجت إسرائيليّ.
كيف يمكن لشخص عادي، غير متطرف، مثل والد
هنريت، ارتكاب جريمة قتل فلذة كبده؟
ما الذي يجعل مسلسل قتل النساء يستمر منذ
ثلاثة آلاف عام؟
أي ذنب يمكن أن ترتكبه ابنة الثانوية العام،
لتعدم؟ وفي قوانين أي مجتمع، أو أي دين؟
ربّما لو منحها قليلًا من شهور، لغيرت رأيها،
ولكنّه، قرر بولاء القبيلة، التي اعتقد أنه لن يستطع فتح عينيه أمامها، إعدامها. لكنّه
استمر في إغلاق عينيه بعد الإعدام، وظهر في المحكمة يغطي، ليس فقط العينين، ولكن
الوجه كاملًا بقميصه.
والد هنريت، مثل معظم رجال فلسطين، ونسائها
عام 2021م، أحادي الهوية، التي ترسخت أكثر مع الصحوة-الردة الوهابية. من المؤسف أن
من يمكن أن يضطلعوا بالأدوار الثورية، كطلبة الجامعات، ليسوا، في أفكارهم، أقل
تخلفًا من مجتمعهم.
قد يكون لافتًا أن والد هنريت ينتمي للمجموعة
المسيحية، التي تعيش في الأراضي المحتلة عام 1948، وهي الأكثر نموًا في الشرق
الأوسط، من حيث العدد، والتعليم، والثقافة، ومستوى دخل الفرد.
أسعد دائمًا بأصدقاء، وصديقات، انتصروا
لأنفسهم، ولأبنائهم وبناتهم، ونجوا من الأُحاديات القاتلة، بقدري مقتي لمعارف كثر،
تغطيهم قشور المدنية، ولا أعرف كيف يمكن لواحدهم، عندما ينظر في المرآة أن يحترم
نفسه، وهو يفرز الناس، نسبة لأديانهم، وقبائلهم.
لا جديد في الشرق، الذي لن يتزحزح.
#هنريت_قرا
#الإنجيل_المنحول_لزانية_المعبد
#المؤسسة_العربية_للدراسات_والنشر
#مُنع_في_عمّان
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق