أهلين

"من عرف الله سار، ومن سار طار، ومن طار حار". عجيل المقدسي.

الأحد، 24 نوفمبر 2019

القدس المزيفة في التاريخ..!



ما علاقة رجل الدين بالتاريخ؟ هذا سؤال ربما لن تجيب عليه قناة الجزيرة الانجليزية.
في برنامج عن الفتوحات الإسلامية لبلاد الشام، بثته القناة تحدث الشيخ عكرمة من القدس، عن كيفية قدوم الخليفة عمر من الجزيرة العربية، مع خادمٍ، إلى القدس يتناوبان ركوب جمل وحيد. يعرف الشيخ اسم الخادم، ويعرف أيضًا أنه لدى وصولهما إلى أسوار القدس، كان الخادم هو الذي يركب الجمل، أمَّا الخليفة فهو الذي يمشي.
كيف عرف هذه التفاصيل؟ ليس مهمًا. ولكنه، على الأرجح لا يعرف كيف تدبرا طعامهما، خلال المسافة الطويلة، ومن أي الينابيع شربا؟ لماذا لم يكن لديهما، مثلاً، جملاً آخر ليحمل الطعام والماء؟
الشيخ عكرمة نفسه، عندما يتنقل في القدس، يفعل ذلك محاطا بمجموعة من الأشخاص.
نفهم من المراجع الإسلامية المتأخرة عن فتح القدس، والمصادر البيزنطية، أن المدينة خضعت لحصار قاس، وفي عظات بطريرك المدينة صفرونيوس الأخيرة، مرّ الشكوى من وضع أهالي المدينة، الذين عانوا من الجوع، والحصار، والانتحار، وغير ذلك.
كيف يمكن للخليفة وهو قائد لإمبراطورية تشرق عليها الشمس، أن يأتي بمفرده مع خادمه، قاطعًا الفيافي؟ ألم يخشى من البدو، وقطاع الطرق، وانتقام الإمبراطوريتين الفارسية والبيزنطية؟
إذا جاء الخليفة إلى القدس، فإنه لا بد أن أنى بعربات عسكرية لا تقل عن تلك التي لدى أعدائه، مصحوبة بتقنيين قادرين على إصلاح أي خلل بها (شبيه بسلاح الهندسة)، وبمرافقة سكرتارية، ورجال بريد، ومقدمة ومؤخرة، وأدلاء، وقصاصي أثر، وعسس يكشفون الطرق، ويقدمون تقاريرهم الفورية عمّا يجري.
تصوير الخليفة الأتي من الجزيرة العربية إلى القدس، بالصورة الساذجة التي قدمها الشيخ، وكأنه مجرد رجل بدوي غير واعٍ لدوره في إنشاء إمبراطورية جديدة في الشرق، هي إسهام في تزييف تاريخ القدس.
هل أتى الخليفة عمر إلى القدس فعلاً؟
كم مرة أتى؟
الآثار المتعلقة بالخليفة عمر في القدس، معدومة، فالمسجد الأقصى الذي بناه على أنقاض الهيكل حسب الروايات الإسلامية، ليس له وجود، ومسجد عمر الحالي المنسوب إليه أنه بناه بالقرب من كنيسة القيامة، هو في الواقع مسجد أيوبي. وخلافا للرسالة الرمزية الوحدوية التي يمكن أن تستنبط من إنشائه، فان الأوقاف تمنع غير المصلين المسلمين من الدخول إليه,
إذا بنى الخليفة عمر مسجدًا بحوار كنيسة القيامة، فعلى الأرجح ليس في مكان مسجد عمر الحالي، لأن طبيعة الكنيسة كانت مختلفة عن واقعها القائم، الذي وضع الصليبيون عليه بصمتهم الكبيرة.
يمكن اقتراح موقع، للمسجد المفترض، وهو بالطبع غير المكان الحالي.
كيف يمكن أن ننقي تاريخنا من الخراريف؟ كيف يمكن أن نكتب تاريخًا فلسطينيًا أقرب إلى الحقيقة التي ستظل نسبية؟
من المؤسف أن تساهم وسائل الإعلام المتطورة تقنيا كالقنوات الفضائية في هذا التزييف، بدلاً من الاضطلاع بطور تنويري.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق