للمنتصر
لفتته، للمهزوم، الذي عندما يصبح منتصرًا، يقدم لفتته هو الآخر..!
أبدى
الكاتب الدرامي ايسخسيليوس، تعاطفًا مع الفرس المهزومين، في حربٍ، كان هو مشاركًا
فيها.
وربّ
العهد القديم، أشفق، على نينوى الكافرة، وعطف على شعبها وبهائمها.
الصليبيون،
الذين ارتكبوا، إذا ما صدقنا ما كتبه، وليم الصوري، واحدة من أبشع الجرائم، في القُدْس،
حوّلوا قبة الصخرة إلى كنيسة، ولكنّهم أبقوا على ما تركه من سبقهم من الحكام
المسلمين، من أسماء تخلد أعمالهم، بأكثر أساليب الخط العربي، والزخرفة، براعة.
وعندما
انتصر صلاح الدين، ترك لفتته، أخرج صليبًا كبيرا من قبة الصخرة، ووضعه في ساحتها،
ولكنّه، أو غيره لاحقًا، قص الصليب الحجري الذي ما زال موجودًا حتى الآن، وقريبا
منه أكثر من جرن عمّاد.
وقبل
أسابيع، طلب مسلم تونسي، مقيم في فرنسا، زار الحرم القدسي، وعندما شرح مرافق محلي
له عن الصليب، طلب إزالته، وعندما سألته لماذا؟ قال: "نحن مش ناقصين، ربما
يظهر من يدعي حقا في المكان، بسبب وجوده".
في
الحرم الإبراهيمي الشريف في الخليل، أبقى المسلمون، على النقش اللاتيني، الذي يشير
إلى تأسيس كنيسة في الحرم.
وفي
المسجد الأموي في دمشق، أبقى المسلمون، على جرن العمّاد، الذي يشير الى طبيعة
المكان السابقة ككنيسة بيزنطية، وقبل ذلك كمعبد روماني.
قتل
العباسيون، الأمويين في فلسطين، ونصبوا أَسمِطَة الطعام، بجانب نهر العوجا، على
جرحى الأمويين، وتلذذوا بالطعام وهم يسمعون أنات أبناء عمومتهم، ولكنّهم بدلاً من
تقديم لفتة رمزية، أبدى أحد موظفيهم غباءً، يلازم عادة، المقربين، والموظفين،
وماسحي الجوخ، فأبقى على الرقم التأسيسي الذي يؤرح لبناء عبد الملك بن مروان لقبة
الصخرة، ولكنّه، وضع مكان اسم الخليفة الأموي، اسم الخليفة العباسيّ المأمون، ولكن
بخطٍ مختلف، مبقيًا على التاريخ كما هو، وعندما جاء ماكس فان برشم، ووثق الرقوم،
اكتشف التزييف، وظهرت الفضيحة التي لازمت العباسيين، على الأقل في المجتمع الأكاديمي
الأثري حتى يوم النّاس هذا.
كل
هذا بفضل مسّاح جوخ غبي..!
ولكن
هل يتحمل هو فقط مسؤولية الفضيحة؟
في
بلدة الخضر ثمة مثل متداول سمعته قبل أيّام: "الثلم (التلم) العوج (الأعوج)
من الثور الكبير".
ليرحم
الله المأمون، محب المثقفين والمترجمين، وأيضا المنافقين..!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق