عندما
تنبأ السيّد المسيح، بتدمير هيكل اليهود في القدس، وبأنه "لا يترك ههنا حجر
على حجر"، كان، في الواقع، يؤكد واحدة من نواميس الأرض المقدسة.
تبدو
الأرض المقدسة، وكأنها خلال ثمانية آلاف عام، لم تكن إلا ورشة كبيرة لإعادة
التدوير، ليس فقط الثقافي، ولكن المادي، فالمعابد اليهودية، ستقام على أنقاض الهياكل
الوثنية، والكنائس ستحذو حذوها، ولاحقا المساجد، وثمة نقاش نجده لدى الإخباريين
القدامى، حول أخذ هذه الأعمدة أو تلك من دور عبادة سابقة لتبنى في دور عبادة
لاحقة.
لو
نظرنا إلى أي جانب من سور القدس، سنقرأ تاريخ المدينة من اختلاف أنواع الحجارة
المبنية، تُدمر المدينة من الاحتلالات التي لا تتوقف، وتبنى من جديد بحجارة الأمم
المهزومة والمنتصرة.
سيجد
الباحث حجارة كثيرة في جدران المباني، في غير مواقعها الصحيحة، وإنما تم التعامل
معها كمجرد حجارة في ورشة التدوير وإعادة التدوير التي لا تنتهي.
هذه
الصورة لحجر في سور القدس، من الواضح انه في غير مكانه، وكان ضحية لإعادة التدوير،
فتم التعامل معه كحجر فقط، دون الاعتبار لما أراده الحجّار في النقش الذي قد لا
يكون مكملا بسبب عوامل الزمن، أو ما أراده من دفع له لانجاز تشكيل أو حفر أو رمز
ما.
هذا
الحجر الغامض، المنسي، المتاوري، بين آلاف من حجارة السور، يحافظ على نفسه، حتّى
يرد اعتباره في يومٍ ما.
القدس،
مدينة الحجارة، وتدويرها، ما تهدمه الاحتلالات، تبنيه احتلالات أخرى، وتواصل
المدينة القدرية رحلتها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق