"نفوس نصراوية" تشرق في بيت لحم

‏ُ‏ُُ‏‏‏تُقدم جوقة (عود الند) النصراوية نفسها بمسوغات ذات طابع وطني وحدوي، ولكن إنتاجها الفني، يتجاوز ذلك ليحلق في عوالم إبداعية رحبة.

وأحيت الجوقة، أمسية فنية، مساء أمس في مركز السلام بمدينة بيت لحم، نظمها مركز اللقاء للدراسات التراثية والدينية في الأراضي المقدسة، الذي يهتم اساسا بالحوار الإسلامي-المسيحي.

وقال الدكتور جريس خوري، مدير المركز، بأن تنظيم أمسية فنية، قد يظهر بأنه خارج اهتمامات المركز، ولكن فيما يتعلق بجوقة (عود الند) فإنها أخذت على عاتقها تجسيد الوحدة الوطنية، من خلال تقديم أناشيد إسلامية وترانيم مسيحية.

وأضاف: "إن هذه الجوقة تعبر أيضا عن الحوار، الذي كنا نعبر عنه في المؤتمرات، والندوات، إنها صورة مشرقة للشعب الواحد، ومن أجل هذا نظمنا هذه الأمسية".

وفجر خوري مفاجأة غير متوقعة، عندما قال بأن بعضا: "من أصدقاء المركز، بل من أفضل أصدقاء المركز من رجال دين مسلمين، اعتذروا عن الحضور لاعتقادهم بأنها أمسية موسيقية، وانا أحترم هذا الاعتذار وأقدره".

ومن المعروف بأن مركز اللقاء يضم في عضوية هيئته الإدارية، ودائرة أصدقائه رجال دين من المسلمين والمسيحيين، يتحدثون في كل مؤتمرات ونشاطات المركز ومنشوراته، عن الوحدة الوطنية الإسلامية-المسيحية، والتعايش المشترك.

وقدمت الجوقة، بكثير من الحماس، والحرفية، مجموعة من الأناشيد الإسلامية والتراتيل المسيحية، أظهروا خلالها تفوقهم في هذه الفنون الصعبة. وحلقوا في أجواء صوفية، وثنايا التراتيل الاتية من عمق التاريخ البيزنطي.

وارتقت بعض الأصوات الفردية، التي أتاحت قادة الجوقة كيتي جرجورة، لها لتظهر، إلى، مصاف الأصوات العربية العظيمة المعاصرة.

وتزامنت الأمسية، مع اطلاق الجوقة لألبومها (النفوس تشرق)، التي قدمت الجوقة أناشيده وتراتيله خلال الأمسية، وقالت كيتي جرجورة: "النفوس تشرق لأنها تبحث عن التشابه فيما بينها وتبرزه وتقبل الآخر المختلف بوعي وإدراك. لكي تشرق النفوس عليها أن تتأمل بصمت ما في الوجود وأبعد منه حتى تتحرر من القيود وتبسط نفسها على أرض المحبة. الاختلاف يضيف بعدا آخر للحياة ويثريها. فقط عندما ندرج الآخر في حياتنا يمكن أن نستمتع بالتنوع والاختلاف. إن الترتيل الديني المشترك الإسلامي- المسيحي ما هو إلا اعتراف بوجود الآخر المختلف، والتأكيد على بزوغ صوت جديد من شمس جديدة تشرق من المغيب المختلف".

الاحتفاء بالأمسية لم يكن مصدره فنيا فقط، ولكن "وطنيا"، وهو ما عبر عنه الارشمندريت عطا الله حنا الذي شكر: "مركز اللقاء على هذه الأمسية الروحية، نحن نحي هذه الجوقة، الاتية من ناصرة الجليل، وعندما تكون الناصرة مع بيت لحم، تكتمل الصورة، ذلك لأن الناصرة هي مكان البشارة، وبيت لحم هي المكان الذي تحققت فيه هذه البشارة".

وقال حنا: "لقد نقلتنا هذه الجوقة إلى السماء، إلى تجليات إنجيلية وقرآنية، وأنا أعتقد بأن هذه الأمسية، بكل ما تحمله من مضامين إنسانية، وروحية، وفنية ايضا، إنما هي رسالة، من قلب فلسطين، ومن قلب بيت لحم، إلى كل ما يعنيهم الأمر، بأن خطابنا يجب أن يكون دائما الخطاب الذي يجمع، ويوحد القلوب، رسالتنا اليوم لكل اولئك المحرضين، الذين يتبنون الخطاب التكفيري، الذي ينتقص من مكانة الاخر، ومن حضوره، رسالتنا بأننا جسد واحد لا يقبل القسمة على اثنين، رسالتنا هي الوحدة الفلسطينية، الوحدة العربية، الوحدة الإسلامية-المسيحية".

وقال الدكتور وليد مصطفى: "لقد بكيت تأثرا مما سمعته، لقد عبرت الجوقة عن روح الشعب الفلسطيني، الذي لم ولن يفقد الأمل ابدا، وسيحافظ على وحدته الاسلامية-المسيحية، كما حافظت الأجيال السابقة".