ميتهسيلاه) اسم أطلقه الإسرائيليون على فسيلة نخيل صغيرة، نمت من نواة بلح عمرها 2000 عام، كانت ضمن مجموعة من نوى بلح قديمة عثر عليها في قلعة مسعدة (مسادا) في صحراء البحر الميت، وهي القلعة المرتبطة بالميثولوجيا العبرية، حول حماة القلعة من اليهود الذين نفذوا عملية انتحار جماعية خلال حصارها من قبل الرومان، عام 73م، وتحولت إلى رمز في الثقافة العبرية.
وتعتبر هذه النخيلة، المستنبتة من نواة بلح عمرها اكثر من ألفي عام، الشجرة الأولى في العالم من حيث قدم بذرة الاستنبات.
ويبلغ طول الشجيرة المستنبتة الان 4 أقدام، وجرى استنباتها في مختبر بالقدس، بإشراف علماء إسرائيليين.
وبدأت قصة هذه النخيلة، في عام 2005، عندما تم زرع عدد من نواة التمر، التي عثر عليها عام 1963 في مسعدة، في مخازن تركها المنتحرون اليهود، تأكيدا على انهم لم ينتحروا جوعا، وإنما لتسجيل موقف تاريخي، وفقا لميثولوجيا مسادا كما تقدمها الذاكرة الجمعية اليهودية.
وقالت سارة سالون، مديرة المشروع الذي تبنى إنماء النخلة "العثور على البذور لم يكن مفاجأة بالنسبة لنا، ولكن المفاجأة هي في نموها".
وتفخر سالون، بان النخلة المستنبة هي الأقدم الان، بعد أن كان عالم النبات شين جين - ميلر، وزملاؤه في جامعة كاليفورنيا، في لوس انجلوس، قد سجلوا في عام 1995، تمكنهم من إنبات شجرة لوتس من بذور عمرها 1300 عام.
وتم حفظ البذور لمدة 40 عاما في جامعة بار ايلان، وتم التعرف على تاريخها بواسطة الفحص بالكربون.
وعثر على البذور عالم الآثار الإسرائيلي ايهود نيتسير، من الجامعة العبرية بالقدس، وقدمها إلى موردخاي كيسليف، عالم النبات في جامعة بار ايلان.
وظلت البذور في درج مكتب كيسليف، حتى تشرين الثاني (نوفبمر) 2005، دون أن يمسها أحد، حتى سئل من قبل سارة سالون إذا كان بالإمكان اخذ بعضها لكي يراها الخبير الزراعي ايلون سلووي، الذي تشجع لفكرة زرعها.
وتم وضع البذور اولا في المياه الساخنة، في محاولة لجعلها قادرة على امتصاص السوائل من جديد بعد فترة كمون استمرت ألفي عام، وتتابعت التجارب على نوى البلح القديمة، وتم التغلب على إيصال التغذية اللازمة لها، مثل أنزيمات الأسمدة المصنوعة من الأعشاب البحرية.
وفي مرحلة لاحقة وفي 25 كانون الثاني (يناير) 2005، تم نقل البذور إلى قوارير لتنمو في التراب، وعبر نظام التنقيط بالمياه، وتحت إشراف ومتابعة دائمة.
ولاحظت سارة سالون، في شهر آذار (مارس) 2006، تصدع في تربة أحد القوارير، وكم كانت المفاجأة أنها رأت نمو لبراعم جديدة.
وفي النهاية نمت إحدى البذور، وأصبحت الان، بعد ثلاث سنوات من التجربة شجيرة، ولكن ليس دون مشاكل خصوصا فيما يتعلق بالأوراق، التي كنت تظهر عليها بقع بيضاء، وعانت من مصاعب نمو عديدة.
وشجع استنبات هذه الشجرة، الباحثين الإسرائيليين لتكرار التجربة، وان كان البعض يرى بان النجاح في استنبات الشجيرة هو أمر يحصل بنسبة واحد في المليون.
ولم يعرف حتى الان هوية الشجيرة إذا كانت ذكرا أو أنثى، وان كان الباحثون يأملون أن تكون أنثى، لان ذلك يعني أنها ستطرح ثمارا، مما يساعد على استمرار البحوث حولها.
ولن يتم معرفة إذا ما كانت (ميتهسيلاه) أنثى، قبل عام 2012، عندما ستكون على استعداد لتؤتي ثمارها.
وبدأت تطرح آمالا كثيرة حول هذه الشجيرة، وهذه الآمال تتجاوز العلوم النباتية إلى الطبية، فاذا طرحت (ميتهسيلاه) ثمارها فسيكون ذلك مناسبة لدراسة الخصائص الطبية لشجر النخيل القديمة التي تحدثت عنها الكتب الدينية المقدسة ومن بينها التوراة والقران، وبحث إمكانية الاستفادة من ذلك في صناعة الأدوية الحديثة.
وسيتم أيضا البحث في استنبات أجيال جديدة من شجر النخيل يمكن أن تنمو في المناطق القاحلة في الشرق الأوسط.
والمساحات المزروعة بالنخيل في إسرائيل الان، يعود معظمها لسنوات خمسينات القرن الماضي، وهي من أصناف تم استيرادها من العراق، والمغرب، ومصر.
ويحاول البعض يقلل من أهمية (ميتهسيلاه) مثل بعض العلماء الغربيين الذين روا بأنها قد يكون هناك أهمية معنوية وتاريخية للشجيرة الجديدة، لكنها من الصعب أن تشكل فتحا جديدا في الدراسات النباتية لان الحديث يدور عن نموذج واحد، وانه من الصعب التعلم من نموذج واحد، خصوصا وان الشجيرة ستلقح من شجرة نخيل حديثة.
ولكن سالون تبدو متشجعة اكثر من اللازم وتقول بان الأشجار مثل الناس، ولكل واحدة منها شخصية مستقلة، وقد تشي بالكثير وغير المتوقع، مع تأكيدها أن الجهود منصبة الان على إنجاح التجربة، وتوفير العوامل للشجيرة لكي تنمو في أجواء صحية.
وتقول سالون "عندما تكبر الشجرة سنعرف مقدار الفوائد الطبية لثمارها، كما تحدث عن ذلك القدماء، ونأمل أن يتم ذلك في أجواء من السلام، لكي نتمكن جميعا من تقاسم الفوائد الطبية لها، إذا كانت لها مثل هذه الفوائد غير الموجودة في التمر الحالي".
وتضيف سالون "في السابق كانت ثمار التمر تستخدم على نطاق واسع، لمواجهة أمراض عديدة مثل السل، والسرطان، وغيرها".
ويأمل الخبراء الإسرائيليون في أن تقدم النخلة المستنبتة معلومات حول العلاقة بين شجر النخيل القديم والجديد، خصوصا فيما يتعلق بالجينات، وإمكانية مكافحة أمراض النخيل.
ودرست سالون وزملاؤها الهيكل التنظيمي للشجيرة، وتم فحص الحمض الريبي النووي المستخلص من إحدى الأوراق، وسيتم نشر النتائج في المجلات العلمية في أوائل العام المقبل.
ومن المعروف بان هيرودس حاكم مقاطعة فلسطين الرومانية هو من بنى قلعة مسادا، المطلة على البحر الميت، ولكن وفقا للأسطورة فان اليهود احتلوها لمدة سبعة اشهر خلال ثورتهم ضد الرومان، ورفضوا الاستسلام، مفضلين الانتحار الجماعي على ذلك رافعين شعار "مسادا لن تسقط مجددا".
وتحظى القلعة باهتمام يتجاوز الاسرائيليين، وتشكل مصدر جذب للسياح والزائرين، ومن اخر الشخصيات المشهورة التي زارتها الرئيس الاميركي جورج بوش.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق