أعرف
عبد الرؤوف منذ تسعينات القرن الماضي، عندما أجريت معه حوارًا، حول المجزرة التي تعرضت
لها عائلة شقيقه في ملجأ العامرية في بغداد، الصواريخ الأميركية الذكية، لم تستطع
تمييز العائلات المدنية التي لجأت إلى الملجأ، فارتكبت المذبحة التي ذهب ضحيتها أكثر
من 400 مدنيًا عراقيًا وعربيًا، من بينهم أفراد عائلة المحتسب. زرت لاحقا الملجأ،
والتقيت إحدى الناجيات التي لقبت بالخنساء أو ما شابه، والتي رهنت عمرها لشرح
المأساة للزوار.
وصلت
حينها إلى عبد الرؤوف، بجوار الحرم الإبراهيمي، وسط الغيتو الاستيطاني والعسكري
الاحتلالي، حيث ما زال صامدًا، يضحك، ويتسلى مع الزوار الاجانب، والمتضامنين مع
شعبنا، ويتحمل كل رزالة المستوطنين، وخططهم القادرين على تنفيذها على الأرض، بدعم
حكومة الاحتلال.
عبد
الرؤوف يدير متجرًا للتذكارات، في واحدة من أصعب مناطق التوتر في العالم، وهو يرى
الموت، بعينيه، كل يوم، ولكنه حافظ على حس الفكاهة الخليلي لديه، كواحد من
مستلزمات الصمود.
تلقى
عبد الرؤوف عرضا، من جهات صهيونية، ببيع متجره ومنزله بمائة مليون دولار، ولم يشكِّل
ذلك، مع استمرار الضغوط عليه، إلا مادة للسخرية بالنسبة له. ليس مهمًا ضخامة
المبلغ، ولكن المهم هي اللا القوية لدى عبد الرؤوف، والتي لا يمكن المساومة عليها.
التقيت
اليوم، عبد الرؤوف، الذي يُجذر عائلته في المكان، ويواصل التجذر، ومن أمامه وخلفه،
ينشر واحد من أكبر جيوش الشرق الأوسط وحداته، وينصب حواجزه، ويسيطر مستوطنوه على
منازل قريبة منه، ولكنه غير قادر على هزيمة، ضحكة عبد الرؤوف..!
يسحرني،
ما يضفره البسطاء، من ملاحم صمود..!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق