نادرًا ما تجد جورج
المكركر صاحب مطعم الحارة الشعبي في بلدة بيت جالا القديمة، متوفرًا، فهو منشغل دائمًا
في تلبية طلبات الزبائن مع اثنين أو أكثر من موظفيه، أو منهمكا، في تنقية الحمص
والفول، أو منشغلاً بعصر الليمون الطبيعي الذي يستخدمه في صنع الوجبات التقليدية
من الحمص والفول، والتي تجد رواجا كبيرًا بين المواطنين، مما اضطره إلى تجهيز
السدة العلوية في المحل الذي يقع ضمن أملاك العائلة، لاستقبال المزيد من الزبائن،
ولكن كثيرين قد يشعرون بالإحباط عندما يصلون متأخرين لتناول فطورهم، فيجدون
المكركر وقد أغلق محله، بعد انتهاء ما جهزه من طعام.
الإتقان سرّ النجاح
المكركر هو أخر
الناجحين في مجال الطعام في بلدة بيت جالا القديمة، وعندما سألته عن سر نجاحه أجابني
وهو منشغل بتلبية طلبات الزبائن الخارجية: "أعمل بما قاله النبي محمد عليه
السلام الذي أكد على ضرورة أن يتقن أي شخص عمله".
*وماذا عملت أنت؟
-عندما قررت فتح هذا
المطعم قبل سنوات، لم يكن لدي أية خبرة في عمل المطاعم، أو في كيفية صناعة الحمص
والفول والمسبحة، فسألت وبحثت وطبقت ما علمته، وهذا هو سر نجاحي.
ولا يحاول المكركر
التحايل، فيحرص مثلا على استخدام عصير الليمون الطبيعي، ويبتعد عن استخدام ملح
الليمون المنتشر في المطاعم.
تنتشر في مدينة بيت
جالا المطاعم والمقاهي غير الشعبية، لقربها من مدينة القدس، واستقطابها للمواطنين
من القدس والأراضي المحتلة عام 1948م، وأدى وجود فئة مستهدفة عريضة تفضل قضاء
العطل في بيت جالا وبيت لحم وبيت ساحور، إلى انتعاش هذا النوع من المطاعم، حتى ان
مستثمرين من الجليل والمثلث دخلوا بقوة في هذا النوع من الاستثمار، ولكن هذا لم
يؤثر على سوق المطاعم الشعبية الذي يمثله مطعم جورج المكركر الذي يؤكد على أهمية
خدمة الطبقات المتوسطة والفقيرة في المجتمع من خلال تقديم وجبات تقليدية فلسطينية
ذات جودة عالية، وهو يؤكد عليه كثير من زبائن المكركر.
فلافل ودجاج
ليس بعيدًا عن مطعم
الحارة، يوجد مطعم الشتلة الذي يقدم وجبات تقليدية بالإضافة إلى الشاورمة، ولكن
شهرته تعود أساسًا إلى الفلافل.
وتمكن أصحاب المطعم، الأشقاء
الشتلة، من استقطاب فئات وطبقات مختلفة من العمال إلى السياسيين ورجال الاعمال،
قادها حبها لفلافلهم، إلى السير في أزقة حارة الصرار في بلدة بيت جالا القديمة،
للحصول على شطائر الفلافل.
لا أسرار في صنع
فلافل الشتلة، كما يقول أصحاب المطعم، ولكن الزبائن يؤكدون بأنهم "يطعمون بنِفِس"
وهي عبارة من الصعب ترجمتها إلى معادلات تكشف سر النجاح، ولكنها تعبر شعبيًا عن إقبال
المواطنين على وجبات الفلافل الشهية التي تمكنت من منافسة مطاعم بيت لحم الأخرى
التي اشتهرت بالفلافل.
وفي وسط البلدة،
يواصل مطعم قعبر للدجاج المشوي نجاحاته، رغم ما تعرض له اسم المطعم من إشكالات
خلال السنوات الماضية، ولظروف داخلية.
شجع نجاح المطعم،
مستثمرون في مدن الخليل، ورام الله، وأريحا، إلى استخدام اسم المطعم، بتصحيف قليل،
كي لا يتحملون أعباء قانونية، وهو ما ضايق قعبر الأصلي، الذي كان عليه أيضًا أن
يواجه إجراءات البلدية التي لا يبعد مبناها عن محله سوى بضعة أمتار، التي حظرت
عليه الشي أمام محله، فاضر إلى انجاز عمليات شي الدجاج في المنطقة الصناعية في بيت
جالا، ثم نقل الدجاج إلى محله لتسخينه على مواقد الفحم.
كباب فلسطين وكباب حلبي
قريبًا من حسبة
البيرة، تنفذ رائحة الشواء من مطعم أبو بدر الشعبي، الذي عادة ما يكون مزدحما بأفراد
من الطبقات الشعبية، التي يقودها سعيها للحصول على وجبة لحم ذات طعم لذيذ وزهيد
الثمن، نسبة لمطاعم أخرى، إلى هذا المطعم الذي تخصص بتقديم أنواع مختلفة من
المشاوي، واللبن الرائب المصنع تقليديا.
ويمكن اعتبار مطعم أبو
بدر واحدًا من المطاعم المهمة في مجاله في فلسطين، مع حرص شديد على تقديم وجبات
ذات جودة عالية بسعر منخفض، وهو ما يؤكده صاحب المطعم: "أهم أمر بالنسبة لنا
هو عدم رفع الأسعار، لتمكين الفئات الفقيرة والمتوسطة من تناول وجبات من اللحم
معدة بأفضل الطرق".
ولدى صاحب المطعم
والعاملين فيه الاستعداد لتقديم الوصفات التي يستخدمونها في تحضير الوجبات، فلا أسرار
بالنسبة لهم، سوى الانتماء لزبائن المطعم.
ويحظى هذا المطعم
بزبائن من الذواقة وعلى دراية بخارطة المطاعم في فلسطين، وتنعكس ذائقتهم في
طلباتهم من المشاوي المختلفة، ومقارنتها بما يقدم في مطاعم شعبية أخرى في مدن
أخرى.
وفي مدينة الخليل
التي انتشرت فيها خلال السنوات الماضية أنواع من المطاعم "الراقية"،
وبعضها حقق شهرة كبيرة كمطعم أبو مازن الذي اشتهر بالرقاب المحشية، ما زالت بعض
المطاعم الشعبية محافظة على صعودها، مثل مطعم وملحمة الشعب، المتخصص بأنواع مختلفة
من المشاوي، ومن بينها الكباب الحلبي، الذي يلقى شعبية بين زبائن المطعم.
يدير المطعم مجموعة
من الشباب من بينهم عثمان سيد أحمد الذي يعتبر أن أهم عامل في نجاح المطعم، هو أن
الزبون، يطلع مباشرة على نوع اللحم الذي تعد منه الوجبة.
ويمكن للزبون أن
يتدخل خلال تحضير اللحمة، من أجل إضافة أو إزالة مكونات في الوجبة، ويقول عثمان
انه يمكن إعداد وجبات حسب ميزانية الزبون.
وسيد أحمد على دراية
بما تقدمه المطاعم الشبيهة في المدن الفلسطينية المختلفة، ويحاول أن يكون متميزا،
لتلبية طلبات الزبائن الكثر رغم محله الصغير.
يرى البعض أن المطاعم
الشعبية في فلسطين تحافظ على ارث من الطعام الفلسطيني، الذي يجب أن يكون في متناول
جميع طبقات وفئات المجتمع، وهذا بحد ذاته رسالة مهمة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق