سنجد أنفسنا، مجموعة من أولاد مخيم الدهيشة،
في صيف 1981م، في سجن جنين البعيد، وستكتشف إدارة السجن بان جمال فراج، مصابا
بالسكري، وتحوله إلى مستشفى سجن الرملة، وسيعود ألينا بعد أيام، وقد قابل هناك أبو
علي شاهين، القائد الفتحاوي الذي ساهم في تأسيس الحركة الأسيرة بعد عام 1967م،
ولكنه ربما غفل عن أهم شيء يمكن أن ينظم العلاقة في الحركة الوطنية، وهي
الديمقراطية.
في الواقع لم تكن أي من الفصائل التي
انتمينا إليها، ومعظمنا تركها هي ديمقراطية أيضا، بل أن بعضنا سيكتشف بان من قادها
لم يكونوا مؤتمنين.
تركت المركب الذي اعتقدت بان ثقوبه لن ترتق أيدا،
بينما واصل جمال معاركه، أمضى عشرين عاما من حياته القصيرة (53) عاما في السجون
والمنافي، ولم يهدأ يوما، وربما اخر معاركه كسره لقرار الاحتلال بإغلاق مكتبته في
مخيم الدهيشة، واخر لقاء لي معه في محافظة بيت لحم خلال الاحتجاج على قطع رواتب
أسرى. أصر على توصيلي بسيارته المهلهلة لكسب المزيد من الحديث.
يغيب جمال، وابنه خالد في السجن، مع ابني
باسل وآخرين من جيل جديد، يحملنا مسؤولية الهزيمة، ويقرر المواصلة.
في عزاء جمال، يلتقي الأصدقاء القدامى،
الذين حملوا نفس الأحلام، ولكنهم سيتغيرون عندما يكبرون، ستشوه المراحل التي حددها
الزعماء-الرموز، الكثير منهم، وسيتوزعون على سلطة قامعة، ومعارضة ماسخة.
سيغيب جمال قهريا عن وقفة الحراك الذي دعا
إليه شباب وشابات وردنا غدا. من يقول لا، هو ثروتنا، دون أن يعلم كيف سيكون
الاختبار، اختبار الديمقراطية.
قدرة القمع على تشويه من يدعون إليه، لا
توصف، ألا يوجد منهم من ينظر في المرآة؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق