عودنا الكاتب أسامة العيسة أن نقرأ بلا
توقف، وأن نلتهم ما أنتج بطريقة عجيبة شيقة وهذا ما تمتاز به رواياته مما قرأت دون
استثناء: قط بئر السبع، والمسكوبية، ومجانين بيت لحم، وقبلة بيت الأخيرة؛ وليس
آخراً وهذا ما أتمناه" جسر على نهر الأردن".
كلها أعمال جديرة بالقراءة مرة ومرتين
وأحياناً تصل إلى ثلاث، لتكتشف ما وراء المكان والزمان والإنسان من واقع الحاضر
والرجوع إلى الخلف عشرات السنين وأحيانا إلى المئات منها في أزمنة لم نعش أحداثها،
ولا أعرف إن كان هذا الأمر سوء حظ أم هي نعمة لنا أن نسمع وأن نقرأ ونحاول التغير
والاستفادة من ماضينا في كل ما أخطأنا بحق كل شيء، بحق أنفسنا، تاريخنا
وإنسانيتنا.
جسر على نهر الأردن رواية تاريخية بحتة
ومهمة تعود أحداثها ما قبل عام 1967" النكسة" تنقلت بنا من قرية إرطاس
وسطاً والتطرق بشكل مفصل على تاريخ القرية بين بركها وينابيعها وأناسها، ثم إلى
غرب من نهر الأردن مدينة أريحا مع الحدود الأردنية ثم نحو الشمال قليلاً إبان
النكسة. تراجيديا على لسان جنديّ مصاباً بالقلق والحيرة يسرد روايته بالكثير من
التساؤلات المحيرة والمربكة.. من؟ ولماذا؟ وكيف؟ تساؤلات مؤلمة بحق، وبصراع داخليّ
مرهق لم تسعف جنديه آنذاك الوصول إلى أجوبة شافية لكل ما حدث من قهر.. ومعاناة..
وخيبة في أشد اللحظات ضراوة بالنسبة لجندي كان يعتقد أنه سيلتهم الأخضر واليابس في
لحظات الذروة ليثبت للعالم كله أنه على حق! " ماكو أوامر"!! كسرت ظهورنا
وأطاحت بنا وكبدتنا خسائر لن يغفر لها لا التاريخ بحق الإنسانية عاد بنا الكاتب
هذه المرة نحو زمن يظن نفسه ابتعد عنا شوطاً كافياً، لكن التاريخ لا يُنسى ما دمنا
نشعر بالألم تجاه أنفسنا.
تذكرني الرواية بابن نباتة السعدي حينما
قال:
من من لم يمت بالسيف مات بغيره.. تعددت
الأسباب والموت واحد.
لقد مات جندينا ألف ميتة وميتة يحترق ويا
ليتنا متنا بعدك قبل أن نموت ألف مرة ومرة.
*متى سنكتب رواية انتصارنا فردا فرداً كما
يحلو لنا؟!..
10/6/2018
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق