يورد جيمس فن،
القنصل البريطاني في القدس، طرفة كانت متداولة في قدس منتصف القرن التاسع عشر عن
قرية بيت جالا:
"كثيرا
ما استمعت للطرفة التي يرددها الرحالة الذين يسافرون من بيت المقدس إلى بيت لحم،
بقيادة مرشد من الرهبان الفرنسيسكان، والذين كانوا عندما يسألون مرشدهم وهم يشيرون
للقرية الرابضة بين كروم الزيتون، عما إذا كان سكانها من المسيحيين، يرد عليهم
بالايطالية: ليسوا مسيحيين إنهم أرثوذكس".
عندما عُين البطريرك
فاليرجا، بطريركا للاتين في الأرض المقدسة، كأوّل بطريرك منذ الحروب الصليبية
"وضع عينه على بيت جالا" كما يقول فن، وساعد فاليرجا في اقتحام الحصن الأرثوذكسي،
تراجع نفوذ الأرثوذكس في اسطنبول عشية دنو
حرب القرم (1853-1856م)، وتزايد النفوذ الكاثوليكي المعادي، ودعم السفارة الفرنسية
والباب العالي.
تمكن فاليرجا
من تجاوز الصعوبات العديدة، وبنى المعهد الاكليركي وكنيسة سيدة البشارة، ويروي فن:
"لم يكتمل بناء المباني الخاصة للبطريرك، من دون توجيه اهانة للسلطات
الفرنسية، إذ تبين ذات يوم أن صاحب النيافة قد حفر شعار النبالة الخاص بعائلته،
فوق البوابة الرئيسية، عوضا عن أن يقوم بوضع الشعار الخاص بالمنصب البطريركي، أو
ما كان مرجحا جدا، ألا وهو وضع شعار فرنسا، والتي بفضل جهودها المنفردة، تم الشروع
بالبناء والعمل حتى اكتماله. ونظرًا لأن شعار البطريرك كان قد حفر على الحجر
الرئيسي في قنطرة المدخل، فقد استعصى على الإزالة، وكانوا مكرهين على إبقائه كما
هو".
في شهر نيسان 2016م،
دخلت إلى كنيسة سيدة البشارة في بيت جالا من المدخل الذي يحمل شعار النبالة لعائلة
بطريرك إيطالي جاء لبلادنا، وفعل مثل كثيرين من أصحاب السلطات بترك أثرا له على
جدران الوطن، لأحضر توقيع كتيب عن تاريخ رعية اللاتين في القرية التي أصبحت مدينة
فُصلت عن القدس، ومحاصرة بالمستوطنات الاحتلالية، وسمعت من مترجم الكتيب الأب
مارون لحام، عرضا لملحمة دخول اللاتين إلى بيت جالا، ومواجهتهم للصعوبات العديدة،
وكأن ما حدث ملحمة فروسية تعود للقرون الوسطى، وبينما كان منهمكا في عرضه، دخل
خوري الأرثوذكس متأخرًا ليحضر الحفل، فهب لحام من مقعده، وتناوله بالأحضان، وانتقل
الحديث عن الأخوّة المسيحية-المسيحية، تحت ظلال رمز عائلة نبيلة إيطالية.
مشهد فلكلوري
سائد بين عرب فلسطين..!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق