في
يوم الجمعة الفائت، توقفت أمام اللوحة التذكارية للشهيد الطفل مجدي المسلماني في
مقبرة باب الرحمة، وتوقفت أمام اللوحة التذكارية في موقع استشهاده قرب باب
الأسباط.
يقلقني
صمت الشهداء، وتواريهم في الذاكرة. في القدس، قدس مجدي ورفاقه، كأنه لم يتغير شيء،
هذه مادة كتبتها قبل 18 عامًا عن مجدي، ولم أنشرها، كان الاحتلال يستهدف الأطفال
في بداية انتفاضة الأقصى، وكنت أسابق، لكن الدم في الأراضي المقدسة دائما أسبق..!!
**
…في
منزله في بلدة (بيت حنينا)، شمال القدس، جلس الرجل الذي ما زال شابا، بلحيته
الناعمة ووجهه البريء يحمل ملصقا عليه صورة فتى عمره 15 عاما.
..انه
والد الشهيد مجدي المسلماني، والصورة هي لمجدي بطل معركة تحرير الأقصى يوم
6/10/2000 ، الذي سماه الفلسطينيون يوم الغضب، حيث احتشدوا غضبا للأقصى بعد نحو
أسبوع من زيارة مجرم الحرب أرئيل شارون، الشهيرة
للحرم.
في
يوم الغضب ذاك من أجل القدس والأقصى، والشهداء في انتفاضة الأقصى الفتية، ذهب مجدي
وأصدقاؤه مبكرًا إلى الحرم الشريف، وتحصنوا في باب الأسباط بعد مواجهات عنيفة بين
الشبان وجنود وشرطة الاحتلال، وحقق الشبان نصرا لا مثيل له، حرقوا مركز شرطة
الاحتلال في باب الأسباط، ورفعوا الأعلام الفلسطينية على أسوار الحرم وعلى قبة
الصخرة.
وأجبرت
حجارتهم جنود الاحتلال، على مغادرة أماكنهم على أبواب الحرم الرئيسة، وإفراغ ساحة
البراق من المتطرفين اليهود الذين قدموا للصلاة فيما يعتبرونه حائط المبكى،…لقد
وصلت حجارة المسلماني ورفاقه إلى هناك، فهرب المتطرفون اليهود.
وحظيت
تلك المعركة بتغطية صحفية كبيرة، بعد أن علق العديد من الصحفيين بين (الجبهتين):
الفلسطينية والإسرائيلية، ومثلا أفردت مجلة النيوزويك الأميركية (26/10/2000)
صفحتين للمعركة التي صورها للمجلة المصور الفرنسي انطوان داغتا، الذي قضى أربع
ساعات متابعا للمعركة.
ووصف
الصحفيون إجراءات الاحتلال في ذلك اليوم بالقدس، بأنها إعادة احتلال للمدينة
المقدسة، فقد انتشر جنود الاحتلال على أسطح المباني وأقاموا الحواجز الثابتة
والطيارة في الطريق إلى الحرم، ولم يحل كل ذلك، وخطة الشهيد المسلماني ورفاقه في
تحرير الأقصى لأكثر من خمس ساعات.
وكانت
الصور التي بثتها وكالات الأنباء للشبان الملثمين وهم يحطمون مركز شرطة الاحتلال،
وهم يرفعون الأعلام على الأسوار والقباب ويهربون الجرحى، أكثر من تعبير رمزي عن
التمسك بحقوق وارث يجسده جيل جديد من الفلسطينيين.
وسقط
المسلماني برصاص الاحتلال ومعه عشرات الجرحى في الحرم، وتسعة آخرون من الشهداء في
باقي المناطق الفلسطينية في يوم الغضب ذاك، فيما أعلن قائد شرطة الاحتلال بالقدس
إصابة 24 من أفراد قوته.
وتوسعت
المعركة إلى أحياء القدس القديمة، خارج أسوار الحرم، في حادث نادر وليس كثير
الوقوع مثل: باب حطة، حارة السعدية، عقبة الخالدية.
في
ذلك اليوم شاركت وحدت الاحتلال المختلفة في المعركة ومن بينها مروحية تابعة للشرطة
كانت تطلق النيران من السماء على المصلين.
في
تلك الجمعة الغاضبة، فعل مجدي وزملاؤه ما لم تستطع فعله، جيوش العرب المجيشة
بالطائرات والمدافع وقنابل الكلام..!، وكان سقوط شهيد فلسطيني في ذلك اليوم في
مخيم البقعة في الأردن برصاص الشرطة الأردنية، تعبيرا عن أولويات الأهداف لتلك
الجيوش.
دول
العرب وشعوبهم أطلقوا قذائف الكلام على مغتصبي الاقصى، ووحده، المسلماني فعل،
ووحده انتصر، ووحده ارتقى..!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق