جهد باحثان فلسطينيان
لإعداد (مفاهيم ومصطلحات القضية الفلسطينية) وهو اسم الكتاب الذي صدر عن مركز رؤية
للتنمية السياسية في اسطنبول العام الماضي (2017م)
وقسّم الباحثان عوني
فارس وساري عرابي، كتابهما إلى خمسة محاور رئيسية: المقاومة الفلسطينية (الإطار
النظري)، والحركة الوطنية الفلسطينية، وإسرائيل بصفتها بنية استعمارية، والسياسات
الاستعمارية في فلسطين، والتسوية السياسية.
وبلغ عدد المفاهيم
والمصطلحات 168 مفهوما ومصطلحا، تتضمن بالإضافة إلى الأبعاد المفاهيمية
والاصطلاحية، أحداثا واتفاقات وشخصيات وكيانات.
وقدم الناشر للكتاب
الذي اعتبره دليلا قائلا: "نحت مسار القضية الفلسطينية الطويل
والمضني عدداً كبيراً من المفاهيم والمصطلحات الخاصة التي ارتبطت أساساً بحيثيات
المشروع الصهيوني ومقاومته وتداعيات ذلك على الأرض والإنسان في فلسطين والمنطقة.
وقد أثار بعضها جدلاً في الأوساط السياسية والأكاديمية، كون تعريفها محل خلاف أو
أن استخدامها يحيل في دلالاته إلى موقف ما أو رأي بعينه، مثل وصف السلوك
الاستعماري في فلسطين على أنه احتلال، استعمار، استيطان، سرطان، أبارتهايد، دولة
طبيعية، دولة معتدية، أو تقديم السلوك الفلسطيني باعتباره مقاومة، ثورة، جهاداً،
انتفاضة، هبة، ردة فعل".
وأضاف: "نظراً
لأن القضية الفلسطينية من أكثر قضايا المنطقة، وربما العالم، توليداً للمصطلحات
والمفاهيم لحيويتها وامتداد تأثيرها محلياً وإقليمياً ودولياً، فقد بذل المعدان
جهداً مضاعفاً لتجاوز الصعوبات التي واجهاها خلال العمل من لحظة اختيار المصطلح
إلى نحت تعريفه المناسب، وأخيراً اعتماده".
ولا شك أنه لم يغب عن
ذهن الناشر، أن الكتاب صغير الحجم نسبيا (نحو 170 صفحة من القطع المتوسط) لا يتضمن
جميع مفاهيم ومصطلحات القضية الفلسطينية، أو حتى قسمها الأكبر أو اغلبها، فذلك
يحتاج إلى عمل دؤوب لباحثين يستمر سنوات، وضمن شروط معيارية مؤسساتية.
ولم يحدد الناشر أو
المعدان الأسس التي حكمت اختيار مفاهيم ومصطلحات معينة، وتغييب أخرى، ولكن يحسب
للكتاب أنه تطرق لموضوعات في حقله لم يتم التطرق لها سابقا، لحداثتها مثل الحروب
الاحتلالية ضد غزة.
في محور المقاومة
الفلسطينية، يتطرق المعدان لمفاهيم تتعلق بالحركة الأسيرة كالإضراب عن الطعام، وفي
محور السياسات الاستعمارية يتطرقان إلى الاعتقال الإداري، والسجون المركزية الإسرائيلية،
و(الشاباص)، والعزل الانفرادي، وقانون المعتقلين غير الشرعيين، ومراكز التحقيق،
ومراكز التوقيف، والمعتقلات الإسرائيلية.
وفي حين نجح المعدان
في تقديم موجز ومفيد لبعض المفاهيم والمصطلحات فان الأمر لم يكن دائما هكذا، ففي
شرحهما لمصطلح جبهة وطنية، يدرجان تجارب فلسطينية ليس لها علاقة بمفهوم الجبهة
الوطنية مثل: جبهة الرفض، وجبهة الإنقاذ الوطني، اللتين تأسستا كرد فعل على برامج
ومواقف سياسية، وتجاهلا تجربة الجبهة الوطنية في الأراضي المحتلة عام 1967م، والتي
تشكلت من فصائل وطنية لمقاومة الاحتلال، وتعرضت لقمع شديد من قبل مخابرات
الاحتلال.
وانعكست آراء المعدان
على شرحهما للمفاهيم والمصطلحات، كما يظهر مثلا في مصطلح حرب التحرير الشعبية، حيث
قدما تفسيرهما لفشل هذا الأسلوب في تحقيق الانتصار على العدو.
ويبقى الجهد المبذول
في إعداد الكتاب مقدرا، ومن المهم النظر إليه كبداية لعمل موسوعي مؤسساتي، تحكمه
معايير واضحة، في انتظار دار نشر قادرة، أو جهة ثقافية مسؤولة لإطلاقه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق