في أوائل خمسينات
القرن الماضي، ذهب اللاجئ الفلسطيني عبد العزيز العطي، إلى مدينة نابلس، ليلتقي في
بيت سري، لاجيء فلسطيني آخر هو فؤاد نصّار، ليطلع على برنامج الحزب الأردني قبل الإعلان
عن تأسيسه، فاقترح العطي عضو عصبة التحرر الوطني في فلسطين، على نصار القيادي في
العصبة، أن يتم تسمية الحزب الجديد (الجزب الشيوعي الفلسطيني-الأردني)، ولكن
الأخير رفض قائلاً بان الحزب الشيوعي يجب أن يحمل اسم الدولة التي يتشكل فيها،
وعلى الجانب الآخر في الأراضي المحتلة أصبح أعضاء عصبة التحرر، أعضاءً في الحزب
الشيوعي الإسرائيلي.
قد يبدو الأمر لنا
الآن غريبا، من التيار الأممي في الحركة الوطنية الفلسطينية، بتغييب اسم فلسطين في
مفترق طرق كان لا بد وبشدة إظهار فلسطين التي تُمزق، وتظهر على أنقاضها دولة
الاحتلال، ودولة أخرى ضمت ما تبقى منها.
وقد، أيضا، لا يختلف
الأمر فيما يتعلق بالفرقاء القوميين من بعثيين وقوميين عرب، والتيار الإسلامي
المتمثل بالإخوان المسلمين، وحزب التحرير.
وسيظل الأمر عالقا،
حتى يقرر عبد الناصر تأسيس كيان باسم منظمة التحرير الفلسطينية في أواسط الستينات،
ثم يتبنى التيار الوطني-اليميني الهوية الفلسطينية وإطلاق حركة المقاومة
الفلسطينية المعاصرة، ولكن لن يمضي وقت طويل، حتى لا يخلص هذا التيار كثيرًا للأهداف
والمباديء التي أعلنها.
وعندما شكل الإخوان
المسلمون، حركة المقاومة الإسلامية (حماس) تبنوا لوغو السيفين على العلم الفلسطيني،
ولكنهم غيبوا أيضا اسم فلسطين من الاسم، وبعد الهزيمة التي منيت بها حركة المقاومة
الفلسطينية، بتشكيلاتها كافة، أصبح لكل تشكيل علمه الخاص به، في معنى رمزي
للإخفاقات التي تتوالى.
كتاب مذكرات عبد
العزيز العطي الذي صدر تحت عنوان (رحلة العمر: من شاطيء غزة إلى صحراء الجفر)، فيه
سجل نادر لفترة فوارة في تاريخ فلسطين والأردن السياسي، وفيه أيضا، ما بدا أنه
تصفية حساب مع بعض من رفاق دربه، ومنه ما يصنف في خانة القيل والقال.
يا ليت كتب السيرة،
تخضع للتحرير والتحقيق والتحقق من قبل مختصين في دور نشر ذات مصداقية.