الى اللورد بلفور 26 مارس 1925

تنبه الفلسطينيون، مبكرا لوعد اللورد بلفور، الذي اتبعوه بوصف (المشؤوم)، وفي كل عام يتم تذكر هذا الوعد، الذي يُعتقد بانه الأساس الذي مكن فيما بعد الدولة العبرية من الوجود.
ومثلما يحدث في مثل هذه الأيام، لم تترك الصحافة الفلسطينية التي صدرت في فلسطين او بلدان أخرى ابان الانتداب البريطاني، اية فرصة او مناسبة، الا وتندد بهذا الوعد، مثلما فعلت مثلا صحيفة (الشورى) لصاحبها محمد علي الطاهر، وهو مناضل فلسطيني، اضطر لمغادرة فلسطين الى القاهرة حيث اصدر صحيفته من اكتوبر (تشرين الأول) 1924 إلى أغسطس (آب) 1931 حين سحبت السلطات المصرية امتيازها بإيعاز من الإنجليز.
واصدر الطاهر الذي عرف بكنيته (ابو الحسن) عددين من صحيفة «الشورى» باسم مختلف تماما ربما إثر قيام السلطات بمصادرة الجريدة لفترة وجيزة. فقد صدر عددا «الشورى» المؤرخين 26 مارس (آذار) و5 أبريل (نيسان) 1928 باسم «الناس»، التي يمتلك امتيازها الصحفي المصري حسين شفيق المصري.
في العدد الذي صدر يوم 26 مارس (اذار) 1925، وجهت صحيفة (الشورى) رسالة الى اللورد بلفور، على صدر صفحتها الاولى باللغتين العربية والانجليزية جاء بعنوان (الى اللورد بلفور) الذي كان في زيارة الى فلسطين.
وجاء في الرسالة-الصرخة الموجهة لصاحب الوعد المشؤوم، المنشورة ضمن مجموعة صور لمكتبة الكونغرس الاميركية: «لماذا جئت الى بلادي؟ هل جئت لترى البؤس والشقاء الحالين بقومي بواسطتك؟ هل جئت تشاهد عملية افناء اهالي فلسطين التي هي من ضحايا تصريحك المشؤوم؟ هل جئت لتتحقق ما اذا كان عمل خراب بلادي قد تم؟ هل جئت لتعجل لبلادي الكارثة التي هي نتيجة محتمة لوعدك؟ هل جئت تتفرج على رومية تحترق؟ اعلم ايها اللورد انك قد صرت لنا مثال الظلم، والشبح الاسود المخيف، بل عنوان مصائب فلسطين»
عندما وصل الطاهر الى القاهرة، وتحسن دخله، استحصل على امتياز «الشورى»، وصدر العدد الأول منها بتاريخ 22 اكتوبر (تشرين الأول) عام 1924. وكان شـعارها «جـريدة تبحث في شؤون سوريا (فلسطين، سورية، لبنان، وشرق الأردن)»، ثم استبدله إلى «جريدة تبحث في شؤون الشعوب المظلومة والأمم المستعبدة»، ثم غيره مرة أخرى ليصبح «جريدة تبحث في شؤون البلاد العربية والأقطار المظلومة».
وحسب بعض المؤرخين، فان تلك الصحيفة أصبحت لسان الحركة الوطنية العربية في المشرق والمغرب وغيرها من بلدان العالم الاسلامي مثل الهند وإندونيسيا، بل وبعض الدول الأفريقية مثل السودان وجزيرة زنجبار التي أصبحت جزءا من تانزانيا منذ الستينيات. هذا في الوقت الذي كانت الصحف الوطنية في تلك البلدان مُكَمّمة بفعل رزوحها تحت نير الاحتلال البريطاني أو الفرنسي أو الايطالي أو الهولندي.
وجاء على الموقع الخاص لذكرى محمد علي الطاهر على الانترنت: «كانت الجريدة تنشر كل ما يصلها من مراسليها في تلك البلدان من أخبار عن تصرفات الاستعمار وأسماء الخونة المتعاملين مع المستعمرين أيا كان شأنهم أو مراكزهم.كما كانت تنشر أسماء الشهداء والمتبرعين للقضايا الوطنية والمشاركين في المناسبات الوطنية والموقّعين على العرائض المطالبة بالحرية والاستقلال. هذا الى جانب ما تنشره من تعليقات وتحليلات وأشعار بل وحتى الطرائف والمفارقات».
ولد الطاهر يوم 1896 في نابلس، واعتقل اكثر من مرة على يد الاحتلال البريطاني في مصر، وتمكن من الهرب، وجال متنقلاً بين أقاليم مصر يغير اسمه وعمله، فأقام فترة في المنصورة باسم محمد التاجي، وفترة في سمنود باسم يعقوب البخاري، وتوفي يوم 31 آب 1972 في بيروت ودفن فيها.
http://www.alhayat-j.com/newsite/details.php?opt=3&id=188484&cid=2755