اسرائيل لا تعترف الا بنفسها..لا اعرف اذا كان سياتي يوم نكتشف فيه، بان كل خلافاتنا ونقاشاتنا سفسطائية لا معنى لها، هنا تقرير كتبته عن مشاهداتي في المحاكم الاسرائيلية في معتقل عوفر:
في حين يتم في أوساط النخبة السياسية، والرأي العام الفلسطيني، مناقشة مسالة اعتراف الفصائل الوطنية والإسلامية بدولة إسرائيل، وهو نقاش امتد من اروقة هذه الأوساط إلى المناكفات الحزبية على الفضائيات، فان جزءا أخر من الشعب الفلسطيني يطرح المسالة بشكل أخر، وضمن تساؤل متى أو لماذا لا تعترف إسرائيل بمنظمة التحرير، وفصائلها، وحتى بسلطتها؟
وقد يبدو هذا الطرح غريبا على الرأي العام، إلا انه ليس كذلك لدى الأسرى وعائلاتهم، كما يظهر ذلك من متابعة ما يجري، مثلا في المحاكم العسكرية في معسكر عوفر الإسرائيلي، جنوب بيتونيا.
وبينما يكشف النشطاء السياسيون خارج هذا المعتقل، عن أسمائهم وألقابهم ومناصبهم، فان داخل أسوار المعسكر يبدو الأمر مختلفا بشكل دراماتيكي، حيث يحاكم أسرى بتهمة الانتماء لفصائل ومؤسسات يفترض أنها أصبحت شرعية من وجهة نظر الاحتلال بعد اتفاق أوسلو، والاعتراف المتبادل بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية.
ويصدر قضاة المحاكم العسكرية الاحتلالية، وهو محاكم صورية إلى حد بعيد، احكاما قاسية على الأسرى بتهم تتعلق بانتمائهم لفصائل منظمة التحرير الفلسطينية.
وتتراوح هذه الأحكام، حسب الفصيل، وتصل إلى 24 شهرا، ويصدر القضاة العسكريون أحكاما بالسجن على أسرى بتهمة الانتماء لحركة فتح، التي تقود السلطة الوطنية، وكذلك على نشاطهم في الأذرع العلنية والجماهيرية التابعة لها مثل حركة الشبيبة، مما يجعل المشهد داخل أسوار معسكر عوفر، يبدو غرائبيا، وفق تعبير أهالي الأسرى.
وخلال الشهر الماضي، قال احد الأسرى وهو من منطقة الخليل، لدى مثوله أمام القاضي العسكري بتهمة الانتماء لحركة فتح "انتم تتهمونني بالانتماء لتنظيم يقف على رأسه الرئيس محمود عباس، الرئيس الشرعي المعترف به، حتى من دولتكم، إذا كان الانتماء لهذا التنظيم جرما، فلماذا لا تحاكمون الرئيس أبو مازن"، فأجابه القاضي العسكري بهدوء "أمامي الان ملفك أنت، وعندما يأتيني ملف أبو مازن سأنظر فيه، واصدر الحكم المناسب".
وتتضمن لوائح الاتهام لأسرى ينتمون لمنظمة التحرير، نشاطات تبدو في الشارع الفلسطيني اعتيادية، ولكنها ليست كذلك لدى المحاكم العسكرية الإسرائيلية، مثل المشاركة في ما يطلق عليه محليا الاستعراضات التي تنظمها الفصائل في المناسبات المختلفة، مثل ذكرى إعادة تأسيسها.
وتجرم المحاكم العسكرية الإسرائيلية من يشارك في هذه الاستعراضات، ويبدو الأمر غرائبيا أكثر، في حالة احد الأسرى من مخيم العزة قرب بيت لحم، الذي مثل يوم الاثنين الماضي أمام قاض عسكري، بتهمة المشاركة في انتخابات مجلس طلبة جامعة بيت لحم، واعتقل الأسير المذكور بعد إنهائه الثانوية العامة وقبل التحاقه بالدراسة الجامعية.
ولا يقتصر عدم الاعتراف الإسرائيلي بشرعية فصائل منظمة التحرير ولكن أيضا، بمؤسسات السلطة الفلسطينية، فعضوية المجلس التشريعي الفلسطيني مثلا، أو مجلس الوزراء، قد تصبح تهما كما في حالة الوزير السابق المعتقل عمر عبد الرازق الذي قال "وجهت لي ثلاث تهم: عضوية المجلس التشريعي، وإشغالي منصب وزير المالية، وترشحي على قائمة التغيير والإصلاح".
ويجد الأسرى وأهاليهم، انفسهم لوحدهم في مواجهة ما يصفونه هذا التعسف من قبل سلطات الاحتلال والذي يكلف أبنائهم سنوات من أعمارهم "تضيع هدرا" كما قال أهالي أسرى لمراسلنا آتوا إلى معسكر عوفر لحضور محاكمات لأبنائهم.
وقال والد ثلاثة من الأسرى القاصرين من قرية (القبيبة) تتضمن لوائح اتهامهم الانتماء للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين "لا يعقل أن يترك أبناؤنا ونترك نحن، في مواجهة الظلم الإسرائيلي، دون أي التفات من الفصائل الفلسطينية".
ويشكو أهالي الأسرى كثيرا، مما يصفونه أداء المحامين، في مواجهة التعسف القضائي الإسرائيلي، ولجوئهم إلى إبرام صفقات مع النيابة العامة العسكرية، وتجنب المرافعات الطويلة، ولكن المحامين يشكون هم أيضا من هذا التعسف، وقال احد المحامين لأسير عمره 16 عاما ابرم صفقة مع النيابة لحبسه 14 شهرا بتهمة الانتماء للجبهة الشعبية "هذا الحكم هو أفضل الممكن في مثل هذه الظروف والأحكام التعسفية".
ولا يعرف إذا كانت مسالة اعتراف إسرائيل بفصائل منظمة التحرير، وبمؤسسات السلطة الشرعية، ستنتقل للنقاش العام، وتصبح مطلبا ملحا، بدلا مما يصفه البعض جلد الذات، وتضييع الوقت في مناقشة اعتراف الفصائل بإسرائيل.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق