أهلين

"من عرف الله سار، ومن سار طار، ومن طار حار". عجيل المقدسي.

الأحد، 28 مايو 2023

شاعران تشابها في الحياة وتجاورا في الممات








 لم يتجايل الشاعران عبد الرحيم محمود (1913- 1948م)، وتوفيق زياد (1929-1994م)، ولكن سيرتيهما تشابهتا، فكلاهما خاض معمعان النضال الوطني، وأصبحا رمزين، وأخيرا تجاورا في قبرين، في المقبرة الإسلامية في مدينة الناصرة. 

ولد الشاعر عبد الرحيم محمود في بلدة عنبتا قرب طولكرم عام 1913، تمكن من نسج علاقة مع الشاعر إبراهيم طوقان، عرف بأشعاره الوطنية، ومع اندلاع ثورة 1936-1939م، مزج الرؤى بالعمل، فترك عمله كمدرس، وانضم للثورة، انتقل إلى العراق، مع انتهاء الثورة، مثل كثير من قادتها، وشارك في ثورة رشيد عالي الكيلاني.
عاد إلى فلسطين، معلما في مدرسة النجاح الوطنية من جديد، ولكن لم يطل مقامه فيها، فانضم إلى المقاومة الفلسطينية، ليستشهد يوم 13 تموز 1948م، خلال معركة قرية الشجرة، وكان عمره نحو 35 عاما فنقل إلى الناصرة، ودفن في مقبرتها.
تحول محمود، إلى رمز للمثقف العضوي، ومثال لعدد كبير من المثقفين في حركة المقاومة الفلسطينية المعاصرة، الذين اهتموا بمنتجه الشعري، وجمعه ونشره.
من الذين تأثروا بمحمود، الشاعر توفيق زياد الذي ولد في الناصرة يوم 7 أيار 1929م، وجمع بين مساره الأدبي، والنضالي، وكان من مفجري يوم الأرض، الذي يحيي الفلسطينيون ذكراه كل عام حتى الآن.
رحل زياد في 5 تموز 1994م، في حادث سير مروع، وهو في طريقه إلى أريحا للمشاركة في استقبال الرئيس ياسر عرفات.
أدرك زياد، رمزية وجود قبر عبد الرحيم محمود في الناصرة، فوصفه: "سنديانة جبلية ارتوت من بطن الأرض".
كتب زياد يوما في ذكرى استشهاد محمود: "بين عنبتا والناصرة حبل وريد وصلة رحم. هناك في عنبتا أخرجته يد الى الحياة، وهنا في الناصرة يد غيبته في ثرى الوطن الغالي. هناك احتضنوه طفلا وفتى وهنا نحتضنه شهيدا وقضية. الناصرة بعد النكبة ظلت قلب معركة ونبض شعب وقلعة حرية لا يغلبها غلاب. وسنبقى شعبا منتصب القامة، مرفوع الهامة، شعبا موحدا وجذورنا عميقة في التراب، تراب وطننا الغالي، نصون ضريح عبد الرحيم محمود، الشاعر الفارس واضرحة الشهداء جميعا ونرفع عاليا مشعل الحرية والسلام والمساواة والمستقبل المشرق، ونواصل مسيرتنا حاملين روحنا على راحتنا ودمنا على كفنا" في اشارة لبيت شعر شهير لمحمود:
سأحمل روحي على راحتي/ وألقي بها في مهاوي الردى
أدرك زياد، أنه عندما تأتيه المنية، سيتوسد قطعة صغيرة من الأرض قريبة من عبد الرحيم محمود، وهذا ما حدث. في المقبرة الاسلامية في الناصرة، وجد قبر لشاعر حمل روحه وانطلق، واصبح رمزا على مدى سنوات، وانضم إليه شاعر آخر، لتفخر الناصرة، بحضنها لرفات اثنين من أهم شعراء فلسطين في القرن العشرين، نقش على ضريح كل منهما، أبيات من أشعارهما.
https://www.alhaya.ps/ar/Article/149251/%D8%B4%D8%A7%D8%B9%D8%B1%D8%A7%D9%86-%D8%AA%D8%B4%D8%A7%D8%A8%D9%87%D8%A7-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%8A%D8%A7%D8%A9-%D9%88%D8%AA%D8%AC%D8%A7%D9%88%D8%B1%D8%A7-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%85%D8%A7%D8%AA

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق