لم
تتأثر عائشة عبيد التي رحلت عن عالمنا عن أربعة وثمانين عاما، كما قالت دوما
بإعاقتها، وبأنها تعيش بساق واحدة، وساق خشبية، وبأن هذه الإعاقة لم تعقها عن
الاطلاع بدورها الوطني ضد الاحتلال.
انتمت
عبيد إلى حركة فتح في عام 1968م، بعد الانتصار في معركة الكرامة، وتدربت على
السلاح في الأردن، تحت قيادة قادة من حركة فتح مثل الشهيد خليل الوزير (أبو جهاد)،
وعرفت العديد من قادة الحركة، وعادت إلى الأرض المحتلة لتجوبها، وتشرف وتنظم
الخلايا السرية.
ولدت
عبيد في قرية بيت عطاب إلى الغرب من القدس، وعاشت في مخيم الدهيشة قرب بيت لحم،
وتأثرت بما سمعته عن بطولات خالها أحمد جابر الحوباني (أبو الوليد)، أحد قادة ثورة
1936-1939م في جبال القدس والخليل، والمقرب من الشهيد عبد القادر الحسيني، والذي
استشهد برصاص الاحتلال البريطاني.
أدى
نشاط عائشة عبيد الزائد، إلى اعتقالها، ورغم قسوة التعذيب الذي تعرضت له لم تعترف
بما وجهت إليها من تهم، فحوّلت إلى الاعتقال الإداري، وأمضت عامين في السجن، لتخرج
وتعود إليه أكثر من مرة، حيث أمضت نحو خمس سنوات في سجون الاحتلال، وأخر اعتقال
لها كان خلال الانتفاضة الأولى بتهمة توفير السلاح للمناضلين.
وصفها
الوزير السابق شوقي العيسة، بأنها زيتونة المخيم، وقال: "عائشة صاحبة الجذور الراسخة
والقامة الوطنية الشامخة. سنتذكرها دوما".
وقال
جمال عليان: "رحلت عائشة عبيد، ولم تكن من المنتفعين أو المتسلقين، عاشت لأجل
فلسطين، وأحبها أهالي المخيم".
وقال
ضرار بنورة: "عرفتها شخصيا، وهي شخصية مميزة، حيث كان الجميع يصغى إليها
عندما كانت تروي حكاياتها وخاصة مع الشهيد أبو عمار".
وقال
أحمد عبيد: "أقول لعمتي عائشة، بأنها كانت جميلة قبل السجن، وظلت جميلة بعد
السجن، وما تزال جميلة حتى بعد موتها".
بعد
تأسيس السلطة الوطنية، منحت رتبة عقيد لدورها النضالي، وكرمت من الفصائل والمؤسسات
الوطنية والمجتمعية، والتقت الطفلة عهد التميمي بعد الإفراج عن الأخيرة، واهدتها
الكوفية المرقطة، ووضعتها على كتفي عهد، في رسالة رمزية لجيل جديد يستلم الأمانة
من جيل قاوم ولم يسكت على ظل الاحتلال.
رحلت
عائشة عبيد، في العاصمة الأردنية عمّان، خلال رحلة علاجها الأخيرة من المرض، وفي
اتصال هاتفي مع محمد شريعة ابن شقيقتها، قال بأنهم في العائلة ينتظرون سماح سلطات
الاحتلال لعودة جثمان المناضلة عائشة إلى فلسطين، حيث من المقرر دفنها في مقبرة
قبة راحيل في مدينة بيت لحم.
ستفتقد
شوارع مخيم الدهيشة، سيدة برِجلٍ واحدة، لم تتقاعس عن دورها في الرد المبكر
والضروري على الاحتلال.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق