اعتقدت أن أكثر
العناوين مجانية لهذا العام الذي يستعد للانفراط، مانشيت الصفحة الأولى لجريدة
القدس قبل فترة، على لسان الأستاذ صالح العاروري: "فتح وحماس شركاء في الحرب
والسلم"، كنت سأصدق العاروري لو قال بأنهما شركاء في إدخال علبة دواء إلى
غزة، أو في رفع ركام، أو إدخال كيس اسمنت، وبناء مدارس، ونوادي للشباب، وربما،
لقصور فهم لدى، لم أفهم بأنه ربما قصد الحرب البينية والسلم البيني بين الفصيلين
المتناحرين بالتأكيد ليس على فلسطين.
ولكن تبين لي من خلال
رؤية الصفحات الأولى للصحف الفلسطينية في هذه الأيام، ان المانشيتات المجانية لا
تقف عند حد، فامتلأت بتهديدات الجامعة العربية والمؤسسات الإسلامية والفلسطينية
وغيرها التي تهدد وتتوعد أميركا وترامب.
واليوم برز قرار مجلس
الوزراء الذي حث فيه الفلسطينيين للتعبير عن غضبهم بالاحتجاج، ولا اعرف لماذا لم
تحث الحكومة نفسها، وتكلف رئيسها وأعضائها بالنزول على خطوط التماس يرشقون الاحتلال
بالحجارة، بدلا من دفع أبنائنا إلى المواجهات.
لا يجب على أبناء
المخيمات، والفلاحين، وفقراء المدن دفع ثمن مآزق القيادة، لتنز دمائهم على الإسفلت،
الحياة لا تليق إلا بهم، وليس الموت المجاني. لنرى رؤساء البلديات، والجامعات والأكاديميين
والأطباء والمهندسين، والوزراء، والنواب، وأمناء الأحزاب، وأعضاء المكاتب السياسية
واللجان المركزية، الذين يدعون لأيام غضب، أن يغضبوا هم، وان يذهبوا للموت هم لا أن
يذهب الأبناء الذين يستهدفهم الاحتلال بالسجن والقمع والقتل.
المقاومة في فلسطين مفهوم
مخاتل، وموسمي، لا يمكن أن تكون المقاومة بإطلاق صاروخ، ثم إطلاق صواريخ كلامية،
واعتقالات سياسية، ومنع من السفر (يا للعار والشنار)، المقاومة لا يمكن أن تكون موت
الفتية على الحواجز، وإقامة مهرجانات التأبين الكلامية، المقاومة لا يمكن أن يكون
قادتها من راكبي سيارات الدفع الرباعي وحاملي الفي أي بي.
شعار المقاومة سقط في
فلسطين، ليحل محله مفهوم الصمود، لنتعلم فنون الصمود، لنخرج بمئات الآلاف إلى
الحواجز والجدران، باعتصامات جماهيرية سلمية من اجل حق الحركة في وطننا، وفي رؤية
القدس، ويافا، وحيفا، والرملة، كما كان الوضع قبل هزيمة أوسلو.
لنفعل كما فعلا أسلافنا
منذ ثمانية آلاف سنة، التحايل على السلطات والصمود في أرضنا، نروي أشجارنا بما
توفر من مياهنا، ونغذي نسغ الحكايات والأساطير الذي لا ينتهي، ونطور هويتنا.
من يريد أن يموت أبنائنا
من اجل القدس فليذهب هو ليموت..!
مدينة الرملة هي من
كانت عاصمة فلسطين العربية لأكثر من ثلاثة قرون، وفي عام 1948م، سقطت بخيانة
عربية، والقدس التي نحب أن تكون عاصمتنا، سقطت في عام 1967 بخيانة عربية أيضا..!ل
نتبادل تقنيات الصمود،
لنمشي في أرضنا كما فعل الآلاف من أبناء شعبنا خلال السنوات الماضية (بينما أمضى
من يريد لنا الموت المجاني، أيامهم خارج فلسطين) كما لم يحدث من قبل، ولننسى خيار
الدولة، والخيارات الشعاراتية الخائبة، ولنؤكد دائما حقنا في أرضنا، وحقولنا،
وتراثنا، وآثارنا. نعيش لنصمد..!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق