الكتابة للتخلص من الأعباء

قالت الكاتبة عائشة عودة، بانها عندما انتهت من كتابها (ثمنا للشمس)، تخلص من أعباء كثيرة كانت تثقل كاهلها.

وصدر الكتاب، مؤخرا عن مؤسسة مواطن في رام الله، وهو الجزء الثاني من سيرتها الذاتية، كمناضلة امضت 10 سنوات في سجون الاحتلال، بعد باكورة انتاجها الأدبي (احلام بالحرية).

وقالت عودة في شهادة قدمتها، خلال امسية نظمتها مؤسسة ابداع في مخيم الدهيشة، بانها بعد كتابها الاول، الذي لاقى صدى واسعا لدى الجمهور، وقعت عقدا مع مؤسسة (مواطن) في عام 2005، لكتابة الجزء الثاني، ولكنها تهربت بكتابة مقالات ومجموعة قصصية، ولكنها في النهاية خاضت غمار الكتابة عن فترة السجن، التي لطالما ارقتها. وعندما سألها الناشر اذا كانت تريد ان تضيف شيئا للمخطوطة، اجابت بالرفض.

وطرح المشاركون في الامسية، التي ادارها صالح ابو لبن، قضايا ومسائل تتعلق بالسياسة، والنضال، والمقاومة، اكثر مما يتعلق بالأدب.

وطرح الكاتب يوسف عدوي اسئلة تتعلق بمواقف اوردتها عودة في الكتاب، مثل رفضها لعمليات خطف الطائرات، وضيقها من تعميم وصل الاسيرات، من قيادة الاسرى في ذلك الوقت.

واعتبر عدوي بان الكتاب يشكل اضافة نوعية، للمكتبة الفلسطينية، والعربية، والعالمية، معبرا عن امله في ان تتنبه جهات معينة، لترجمة الكتاب.

وانتقد جمال فراج، الذي خاض تجربة الاعتقال في سجون الاحتلال، ما وصفه، بضعف المشاعر في بعض فقرات الكتاب، وافصاح الكاتبة عن هويتها السياسية، كعضو في الجبهة الديمقراطية، معتبرا ان الكتاب يشكل وثيقة تاريخية، وكان من الافضل ان لا تكشف الكاتبة عن هويتها السياسية.

وقالت تماضر ابو لبن، ان اهمية الكتاب بالنسبة لها، ان المؤلفة امرأة، لأنها كانت تعتقد انه عند الحديث عن الاسرى، فانه بالضرورة حديثا عن الرجال، وانتقدت بعض جوانب في الكتاب، مشيرة الى انه كان من الافضل وضع عقد او عقدة حتى يتابع القاريء حلها في النهاية.

وتحدثت الصحافية سهير فراج، عن اهمية الجرأة في الكتابة عن تجربة الاعتقال، مشيرة مثلا الى موضوع لم يتم التطرق اليه، وهو الخلافات داخل السجون بين الاسيرات، والذي اعتبرته ظلما يضاف الى ظلم السجن.

وانتقد الكاتب صلاح عبد ربه، عدم تقديم الكاتبة، لمراجعة ذاتية، لسيرة نضالية طويلة، بدأت مع حركة القوميين العرب، ثم الجبهة الشعبية، فالديمقراطية. وقال بان الرواية فن، لا يكتبه الا من امتلك الادوات اللازمة لذلك، مشيرا بان الرواية عالم متسع لكثير من الاشكال والقضايا.

وطرح عدة تساؤلات عن حصاد سنوات النضال، قائلا، بان الاسيرات في سجن الرملة، كما كتبت عودة اعلن الدولة الفلسطينية في السجن، متسائلا: "والان الى اين وصلنا؟ الا يحتاج ذلك الى مراجعة؟".

وتحدث الكاتب ناقذ الرفاعي عن اهمية الرواية كفن ادبي، وتراجع الشعر، وعن اهمية ان تتضمن الرواية، كجنس ادبي، خيالا، وليس فقط تسجيلا لتجارب ذاتية.

وابدى خالد الصيفي، دهشته من ذاكرة الكاتبة التفصيلية، وكيف اوردت مثلا الوان الابواب وعددها، وغيرها من تفاصيل رغم مرور عقود على المرحلة التي يتحدث عنها الكتاب.  

وحيا صالح ابو لبن، عودة، وقال بانه ليس شرطا، ان تتضمن الرواية، بداية وعقدة وحل، وان على الكاتب ان يختار الشكل الذي يراه مناسبا لكتابة روايته.

واشاد كثيرون بالكتاب والكاتبة مثل الصحافي حسن عبد الجواد، ونضال ابو عكر، ومحمد الجعفري، وعبد القادر ابو جودة.

عودة، التي بدأت ببوح ذاتي، انتهت الى الانصهار في الهم الجماعي، وكأنها سيقت بارادتها الى اتجاه الجمهور، ومعظمه من الجمهور لا يرى المراة حين تكتب الا مناضلة تحمل الهموم العامة، وقالت في ردها على اسئلة الجمهور، بان ما كتبته هو جزء من عمل المقاومة، وانها لا تعتبر نفسها كاتبة عالمية ولم تفكر في ذلك، بل انها لا تعتبر نفسها كاتبة، وانما كتبت كتابها بالأساس الى الجمهور الفلسطيني، وانها عندما تنقلت بين التنظيمات المختلفة، لم يكن ذلك امرا شخصيا، وانما ما حدث مع الحركة الوطنية الفلسطينية، وانها الان مستقلة، وابنة كل التنظيمات، تؤمن بالمقاومة بكافة اشكالها.

ورفضت تصنيف كتابها في خانة ادب السجون، وانما ضمن ادب المقاومة، مشيرا الى اهمية مراكمة الوعي، والتدقيق في المصطلحات.

واعتبرت نفسها تناضل الان بالقلم، وقالت انها مستعدة لتلبية اية دعوة من أي منطقة في فلسطين، لتقدم للجمهور تجربتها، باعتبار ذلك فعل مقاومة.

وقالت بانه لا يهمها تصنيف كتابها في أي جنس ادبي، وان أي قاريء بإمكانه ان يراه بالشكل الذي يرغب به.