لم يصب الشعب
الفلسطيني، بعقدة الشعوب الصغيرة، وقد لا يكون هذا إيجابيًا، لأنَّه يعني مناطحة أبدية
لطواحين الهواء.
يُعرِّف واضعو
القانون الأساسي الفلسطيني، الذي يفترض أنه دستور الفلسطينيين، على الأقل في
الأراضي التي احتلت عام 1967، الشعب الفلسطيني: "جزء من الأمة العربية،
والوحدة العربية هدف يعمل الشعب الفلسطيني من أجل تحقيقه".
هذا الطموح
الإمبراطوري، يبدو عجيبًا، إذا صدر عن شعب تشبه ظروفه الشعب الفلسطيني، ولكنه يبدو
عاديًا بالنسبة إليه، إلى درجة أن نخبه التي وضعت القانون، ومن الصعب الوثوق في
مصداقيتها، عزفت على نغمة الطموح الإمبراطوري المستحيل، فلم تنتظر مثلًا حتى تحقيق
تحرير فلسطين، لتعلن أنَّ الهدف هو الوحدة العربية العتيدة، أو حتى لبناء مشافي
وطرق وقضاء وحدائق ومكتبات عامة.
قسم من الفلسطينيين،
قد يكون كبيرًا، لا يكفيه الحلم الإمبراطوري العربي، فيحلم بوحدة إسلامية، ويحدد
القدس، المدينة الهامشية في تاريخها الإسلامي، عاصمة للخلافة.
ما بين أسطورة الوحدة
العربية، وخرافة الخلافة، لا يحلم الفلسطيني، حُلمه الإمبراطوري، بل يعيشه، وهو
يرى كيف يتغيَّر واقعه بسرعة جنونية، ويحاصر في جزر صغيرة.
المقاومة الفلسطينية،
لم ترتدع، بعكس مقاومة حزب الله، الذي أبان عن أجندة أخرى في سوريا مثلًا، وفي
أوضاع لبنان الداخلية، وبعكس، أيضًا، إمبراطورية حقيقية كإيران.
الشعب الفلسطيني،
يصارع عبر الحقب، طواحين الهواء، فيما يبدو أنه قدر، فينسج أطروحاته عن الهوية،
ويرى نفسه مركز العالم، والقدس، التي لم تر سلامًا، مفتاح الحرب والسلام. لا تخلو الأطروحات
الوطنية، في فلسطين وفي غيرها، من خيالات وشعارات وتصورات ذهنية. لدى الجماعات،
مثل الأفراد، تقدير متقدم ومبالغ فيه للذات، قد لا يكون صحيحًا.
الفلسطيني هو سيِّد
الخسارات، يتحدَّث عن الاستشهاد أكثر من الحياة، لا يهمه الانتصار، إنما عيشه حُلمه،
كالعجوز في الصورة، يرفع حذاءً في وجه الدولة الأقوى في الشرق الأوسط، غير هيَّاب
من موت أو اعتقال. يعيش حريته، وهو يعلم أن طريقه ستكون طويلة، إذا سلم، إلى
منزله، وسط بنادق وحواجز، ودماء.
#فلسطين_الجديدة
#القدس