في
اجتياح الضفة الغربية في ربيع 2002م، لم يكن منظر الموت في الشوارع الفلسطينية، هو
فقط المألوف، ولكن أيضًا رؤية الجنود، وهم يخرجون من المكاتب والمنازل، يحملون
الحواسيب والكتب والوثائق وغيرها، وتكرر ذلك، خلال حملة البحث عن ثلاثة مستوطنين
اختطفوا قبل ست سنوات، وتبين لاحقًا أنهم قتلوا. وكأن واضحًا بأنَّ عملية البحث التي
أطلقتها قوات الاحتلال، لم تكن فقط العثور على المستوطنين، وإنما لتجديد الكثير من
ملفاتها.
ما
حدث استمرار لتقليد كولنيالي ابتدأ قبل النكبة، ولم يقتصر على الأراضي الفلسطينية،
فخلال الاجتياح الإسرائيليّ للبنان عام 1982م، نُهب مركز الأبحاث الفلسطيني في
بيروت، ونُقلت محتوياته إلى دولة الاحتلال، وعندما أعيد في صفقة تبادل، لم تبدِ منظمة
التحرير اهتمامًا به، وتناثر في الجزائر، ليصبح قصة كلاسيكية، لدى القلة التي
يتذكرونها، عن الإهمال وقلة الحيلة، وأشياء أخرى عديدة.
تخصصت
رونة سيلع، بأرشيفات الاحتلال الإسرائيليّ، وكتابها هذا (لمعاينة الجمهور:
الفلسطينيون في الأرشيفات العسكرية
الإسرائيلية) واحد من الكتب بالغة الأهمية في مجاله، يتضمن، بالإضافة إلى الجهد
البحثي النادر في موضوعه، صورًا نادرة، ومحاولة بناء رؤية غير منحازة اعتمادًا على
الأرشيفات الاحتلالية.
تخلص
سييلع إلى: "إن إسرائيل كدولة تحوّلت إلى واحدٍ من مراكز المعرفة الأكبر عن
الفلسطينيين، وهي لا تحتوي على المجموعات والأرشيفات التي عممت أو نهبت فحسب، بل أيضًا
لديها معلومات استخباراتية جمعتها عن الفلسطينيين".
كنت
أود الإشارة، إلى الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي على التمثيل المعرفي، ولكن الواقع أن
الطرف الفلسطينيّ غائب عن الموضوع، اكتفى بمقولات ببغائية، عن القدس العاصمة
الأبدية، التي رايحين عليها شهداء بالملايين، وفي الواقع هو ليس من أولويات المشهد
الثقافي الفلسطينيّ المريض الذي يعيد إنتاج شللية منظمة التحرير، أي يعيد إنتاج
الفشل.
في
الواقع، أيضًا، تحوّل التمثيل المعرفي الكولنيالي إلى نقاش إسرائيليّ-إسرائيليّ،
مثل قضايا مهمة في المسألة الفلسطينية، أثريًا، وثقافيًا، وسياسيًا. وحتّى فيما
يتعلق برفض صفقة القرن، فإنَّ مظاهرة اليسار الإسرائيلي في تلّ أبيب، هي الأكبر،
والأكثر وضوحًا في رفع الشعارات، وجدية الرفض.
كتب
مقدمة الكتاب انطوان شلحت، مثل باقي الكتب التي يصدرها مركز مدار، وهي غير لازمة،
وزائدة، ومناقضة لتلك الجدية التي يبدها المركز في اختيار الكتب الإسرائيلية
لترجمتها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق