لسب،
يمكن معرفته وتفهمه، غيَّرت مريم صابونة، اسمها إلى ميري ريغيف، ولكن ذلك لم يحدث
مرَّة واحدة، فعمليَّة التغيير بدأت، بمريم سابوني، ثم ميريام سابوني، فميري
سابوني، ويمكن التخمين، كما كانت مزعجة لها هذه السابوني التي لا يريد ناسها
نسيانها، حتَّى حدث الانفجار الاسمي، لتصبح ميري ريغيف.
تغيير
الأسماء في دويبة الاحتلال، هو القانون حرفيًا، والعرف مؤكدًا، فكان على المهاجرين
الجدد للدويبة، من الذين أسماءهم ليست يهوديَّة، أو ليست كذلك بشكلٍ كافٍ، اختيار
اسم، وهذا يمكن لمسه لدى العديد من قادة الدويبة ومؤسسيها ورموزها. الأمر بالنسبة
للمهاجرين الشرقيِّين بدا أكثر حساسية. بن غوريون أوَّل رئيس وزراء الدويبة، نهر
الشرقيِّين، معايرًا ومحتقرًا: نقلناكم من الشرق إلى الغرب. واستمر الاحتقار إلى
يوم الدويبة هذا.
عندما
تولى أوَّل رئيس شرقي، المنصب الشرفي في الدويبة، كان اسمه قد تغيَّر فعلًا من
موسى قصَاب، إلى موشيه كتساف، ولكنَّه سيُطرد ويُحاكم ويُسجن، فالمنصب الشرفي لا
يناسب شرقي مخل بالشرف، عندما ووجه بقائمة نساء تتهمنه بالاغتصاب.
لم
تقطع ميري، حبالها مع شرقيتها، فكان من طقوسها زيارة قبور الأولياء الصالحين،
ومعظمهم من ابداع مسلمي البلاد ومسيحييها، لكنَّها ستتبنى من قبل الغزاة الجدد،
وامتد اهتمامها الطقوسي إلى أولياء المغرب.
عقدة
ما لدى ميري، كانت غير ظاهرة، تتعلق بالأسير وليد دقة، حاربت الوزيرة مسرح عربيِّ
في حيفا، لإعداده مسرحيَّة عن الكاتب الأسير، ولكنَّها اعتبرت المعركة معه لا
تنتهي. في يومٍ غير رائق مثل أيَّام السجن الطويلة لوليد، دخل اثنان من السجَّانين،
وأخبرا وليد، أنَّ لديهما هدية من ميري وزيرة الثقافة له، وانهالا عليه صفعًا.
وقالا وهم يغادران: هل وصلت الرسالة؟ ولم ينتظرا بالطبع إجابة من رمزنا الثقافي.
ولكن الهدايا قد تبدأ بالصفع وتنتهي بالاغتيال. ارتقى وليد في 7 نيسان 2024م.
في
طريق الاغتيال الطويلة، لم ينجو وليد من الهدايا، يروي رفيقه وصديقه نائل
البرغوثي، أنَّه التقاه في البوسطة، ولم يعرفه، فقد الكثير من وزنه وشحب واصفر.
يبدو أن أطباء (مشكوك في أهليتهم الطبية) في مستشفى سجن الرملة (بالطبع ليس مشفى)
نبهوا الحرَّاس، أنَّ صحة وليد لا تحتمل وجبات الضرب، ولا يحتاج لتسريع موته.
عندما
بُطح أبو النور مع رفاقه، بعد إنزالهم من البوسطة، وبدأت وجبات الضرب، تمكن من
خلال العصي التي تكسر أضلعه وتركز على القلب، من رؤية وليد جالسا على شيء. لقد
عرفه. تقدَّم جِلَّوز ومسك شدقيه وسحبهما، بينما يجهد وليد لعدم إظهار ضعفه، ثم
انهال عليه، بصفعات متتالية.
آمن
وليد: "إن مسيرة النضال هي ذاتها مسيرة المعرفة، فهي مسيرة باردة يعتريها
الشعور بالوحدة والخوف من المجهول. في حالة السجن كما في حالة الحصار، قمة النضال
هو أن تبقى قادرًا على السؤال، وأن تكون مستعدًا حتى للنوم في فراش أسرك".
خاطب
طفلته، التي أبصرت الحياة من نطفته المهربة: أنت أجمل تهريب لذاكرتي، أنت رسالتي
للمستقبل. في بلادي يراهن ناسها على الزمن، ينتظرونه أن يزمن، ويطول تزمنه، وهم
يغالبون أزمانهم.
#وليد_دقة
#نائل_البرغوثي
#ميلاد_دقة
#أسامة_العيسة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق