أهلين

"من عرف الله سار، ومن سار طار، ومن طار حار". عجيل المقدسي.

الثلاثاء، 16 أغسطس 2022

الطواحين السبع على نهر العوجا





















ما زالت قرية جريشة (إِجريشة)، على نهر العوجا، على بعد نحو 7 كلم شمال مدينة يافا، تحافظ على ألقها الماضي، رغم تدميرها وتهجير سكانها عام النكبة، بفضل ما تبقى من طواحينها السبع.

أخذت القرية اسمها من جرش (طحن) القمح، باستخدام مياه نهر العوجا التي كانت أغزر بكثير مما هي عليه الآن، بسبب سحب سلطات الاحتلال للمياه، ولكن مياه النهر ما زالت تفتن الزائرين لموقع الطواحين السبع، مثلما كان الحال قبل النكبة. عمدت سلطات الاحتلال الى تحويله إلى متنزه، وبناء منشآت سياحية.

عاش في القرية، حتى نكبتها نحو 220 نسمة في 51 منزلا، واجتذب موقع الطواحين السبع، المواطنين، كملتقى اجتماعي، بجانب مرسى القوارب، والمقاهي التي أقيمت على ضفتي نهر العوجا.

ضمت سلطات الاحتلال، القرية إلى مدينة تل أبيب، ويبدو موقع الطواحين السبع، كواحة وسط غابة البنايات الإسمنتية، وشبكة الطرق، وسكك الحديد المحيطة بها.

تشهد بقايا إحدى الطواحين الثلاث التي بنيت على ضفة نهر العوجا الجنوبية، على صراع الإنسان الفلسطيني مع الطبيعة، وقدرته على ترويضها.

يصنف الخبراء هذه الطاحونة، ضمن ما يطلقون عليه "طاحونة التزلج"، حيث عملت فيها آليتان للطحن، على نهر العوجا، بعد تخزين المياه في بركة مركزية، التي تدفقت عبر خنادق من واجهة الطاحونة بواسطة قنوات تدعيم مائلة مثل منحدر التزلج، لتجري المياه من هناك بقوة الجاذبية وأدارت دولاب حاويات من الخشب أو الحديد، لتعود إلى النهر عن طريق فتحة في الواجهة الجنوبية من الطاحونة.

ربط محور أفقي بين دولاب الحاويات وحجارة الطاحونة، وأدار حجر الرحى العلوية، المسماة مركبة، والتي طحنت حبوب القمح الموضوعة على حجر الطحن السفلية المسماة رحى إلى طحين، يقدر معدل إنتاج آلية الطحن الواحدة في الساعة نحو 40 كلغ من الطحين، أي أن قدرة الإنتاج المحتمل، هو طن في اليوم، ونحو 365 طن من الطحين في السنة.

حول البركة المركزية، بني مجمع الطواحين، وبفضل السد الذي بني للتحكم بمياه النهر، أزاح مجرى المياه إلى البركة، ومن هناك جرت المياه في أنفاق إلى مباني الطواحين الجنوبية الثلاث. عمل في المبنى الغربي الكبير سبع وحدات لطحن القمح، ليعطي الموقع اسمه الذي ما زال مستخدما حتى اليوم، رغم النكبات، وهدم منازل القرية، وتشريد أهلها.

بالإضافة للطواحين السبع، عملت في المبنى الجنوبي طاحونتان، وهكذا أيضا في المبنى الشمالي المجاور لضفة النهر.

بني مجمع الطواحين الكلي على بقايا طواحين قديمة إلى جوار جسر أقواس قديم قطع نهر العوجا، شاهدا على التراكم الحضاري. بقيت من أثار الجسر القديم بقايا أقواس والبركة وأساس المباني.

كان السد والطاقة المائية من الممتلكات الحكومية في الفترة العثمانية، أما المباني وحجارة الرحى فملكية فردية، عمل سكان قرية جريشة كعمال في الطواحين حتى عام 1936، عندما تدهور وضع الطواحين المائية، مع دخول التكنولوجيا الجديدة على الطواحين.

بالقرب من موقع الطواحين السبع، يوجد تل جريشة الأثري، الشاهد على الطبقات الحضارية المتتالية على فلسطين، قريبا من نهر العوجا، الذي يسير بطول يصل إلى 30 كلم، من منبعه في رأس العين، حتى مصبه في البحر الأبيض المتوسط.

أرجع الأثاريون، التل، إلى أوائل العصر البرونزي الثاني (2800-2600 ق.م.) وفي العصر البرونزي الأوسط (2000-1500 ق.م) أصبح الموقع مدينة من مدن الـهكسوس الحصينة. على التل ينمو الصبار، الذي أضحى، رمزا للقرى الفلسطينية المدمرة في النكبة.

 

 

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق