«عندما تسير تدب على الأرض، كأنها فصيلة من جيش، ان لها رهبة».
هذا ما يقوله سامر (اسم مستعار) الذي يوصف في المنطقة البرية شرق مدينة البيرة، بصائد الخنازير الاول والمحترف، ويفخر سامر، الذي طلب عدم نشر اسمه، بعد ان وافق في البداية، خشية من ملاحقة سلطات الاحتلال له لقتله الخنازير، التي تحافظ عليها سلطة الطبيعة الاسرائيلية.
ويتهم المواطنون في مناطق في الضفة، سلطات الاحتلال، برمي كميات من الخنازير في المناطق الفلسطينية، لكن لا يوجد أي دليل على ذلك، خصوصا وان الخنازير تظهر ايضا في المناطق المقام عليها مستوطنات، وحسب بعض الخبراء في الحياة البرية، ان منع اصطياد الخنازير، هو السبب في ازديادها، وايضا لان لحمها لا يدخل في مائدة المجتمع الفلسطيني لأسباب دينية. وتلد انثى الخنزير مرتين في العام، وفي كل مرة يمكن ان تلد 20 خنوصا.
ويقول سامر بانه قتل نحو 400 خنزير بري، بعدة طرق، اشهرها وضع سم في احواض مياه فتشرب منها الخنازير، وتموت، ويعتبر ان ما يفعله يشكل خدمة للمزارعين وسكان منطقته، وبان عمله هذا يجد ترحيبا من السلطة المحلية. ويشكو من عدم منحه مكافئات لما يفعله.
واعلنت بلدية البيرة، اكثر من مرة مكافحتها للخنازير البرية، خصوصا مع انتشار الانباء عن مرض انفلونزا الخنازير، الذي اثار الرعب حول العالم.
وقاد سامر «الحياة الجديدة»، لجولة في المنطقة، ليظهر الخراب الذي خلفته قطعان الخنازير، التي تأكل، كما يقول أي شيء في طريقها، حيث تبدأ جولاتها مع غروب الشمس، وحتى ساعات الفجر الاولى.
ولكن ليس فقط خدمة المواطنين، التي تحرك سامر في قتله للخنازير، ولكن ايضا رغبات اخرى لا يستطيع تحديدها، رغم اقتناعه بان لها «خطية».
ويقول سامر: «في كل مساء اخرج للبحث عن الخنازير، وألاحقها واتتبعها، هناك مشاعر في داخلي تدفعني لأفعل ذلك، رغم ان الأمر مكلف ماليا بالنسبة لي».
والكلفة المالية التي يتحدث عنها سببها استخدامه سيارة في ملاحقة الخنازير، في الطرق الترابية وغير الممهدة، ولديه شعور في نقطة ما لديه، بان ما يفعله بحق الخنازير ليس صحيحا تماما قائلا: «ادرك بان لهذه المخلوقات «خطية»، مرة مثلا وانا ألاحقها، ولم يكن امامنا أي شيء، ظهر فجأة جدار من الحجارة مما ادى الى احداث اضرار في السيارة، وكلفني اصلاح السيارة مبلغا كبيرا، هي في النهاية ارواح خلقها ربنا، لكنني لا استطيع كبح رغبتي في قتلها».
وليس فقط سامر من يمارس قتل الخنازير في برية البيرة الشرقية، هواية، او واحبا، ولكن اخرين، يتجمعون بسيارات الجيب، وكثير منها غير مرخص، لملاحقة الخنازير.
وليس من السهل على هؤلاء، ايجاد قطعان الخنازير بسهولة، ولكن منظرها وهي تتقدم بثبات، يضفي على الامر، الكثير من التشويق، والخوف والاستعداد، حتى تبدأ ملاحقة الخنازير، لقتلها.
وتشكل الخنازير المقتولة، ضررا على البيئة، حيث تظهر الحشرات و«قطعان» الذباب الازرق بكميات كبيرة عليها، لتأخذ حصتها من الجثث المغدورة.
ويخشى صائدو الخنازير، من انتقامها، ولديهم قناعة، بان الخنازير تهاجم الناس، ويعطون مثلا على ذلك، ما حدث مع احد الرعاة في الاسبوع الماضي، حيث هوجم من قبل خنزير، ما ادى الى سقوطه عن صخرة، فأصيب بجروح، ويرى الصائدون بان الراعي كان حظه جيدا بمرور مستوطن على الشارع الالتفافي القريب، فاتصل بالإسعاف، حيث تم نقل الراعي المصاب الى المستشفى، وهو الآن في منزله في جبل (قرطيس).
ويقول الدارسون لحياة الخنازير البرية، بان الخنزير، خصوصا الأنثى، فإنها اذا حوصرت، تدافع عن نفسها لحماية ابنائها بشراسة.
وتختلف آلية الهجوم بين الخنزير وانثاه، فالذكر، عندما يحاصر يخفض رأسه، ويتقدم نحو ما يراه عدوا، ثم يرفع راسه لجرح العدو بأنيابه، اما الأنثى فتهاجم العدو فاغرة فمها، ورأسها مرفوع للعض.
وغالبا لا يؤدي هجوم الخنازير، الذي يكون دفاعا عن النفس الى قتل الانسان، وان كان يترك جروحا وصدمات قوية.
وفي شرق البيرة، حيث الطبيعة الخلابة، فان الشغل الشاغل لكثيرين، ليس التمتع بها، ووضع الخطط للحيلولة دون أي تمدد استيطاني نحوها، بل هو ملاحقة الخنازير، مع غياب الشمس، والتحدث عن ما انجزه كل منهم، في مجزرة القتل المستمرة، لاحد الحيوانات البرية، التي تتم دونما رقيب، في السهرات الليلية، والجلسات الصباحية، استعدادا لجولات ملاحقة اخرى للخنازير، دون ان تبادر أية جهة لاقتراح حلول، لكثافة وجود الخنازير، والاساطير التي تحاك حولها، وكثير منه غير صحيح، مما يزيد من فجوة عدم الفهم بينها وبين الانسان الذي تشاركه نفس الارض ونفس السماء.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق