لو أراد العرب دليلا حيا على وجودهم لعدة قرون في أسبانيا، غير القصور الحجرية الفخمة، لما وجدوا أفضل من الفنانة (كريستينا دي فالي)، ذات الملامح الشرقية السمراء والتقاطيع الاندلسية.
و(فالي) مغنية معروفة في بلادها وللنطاقين باللغة الأسبانية وفي أنحاء مختلفة من العام، وبسبب مكانتها الفنية وشهرتها اختارتها الأمم المتحدة لتكون سفيرة للنوايا الحسنة لديها.
ولفالي، أيضا نشاط سياسي واجتماعي، فهي رئيسة مؤسسة الفنانات المناهضات للعنف في أسبانيا، وترأس الان وفدا مكون من نحو200 من الفنانين والكتاب والرسامين المعروفين في أسبانيا، وصل إلى فلسطين، في مهمة ثقافية-تضامنية مع الشعب الفلسطيني، بمناسبة عيد الميلاد المجيد وفقا للتقويم الغربي.
وقدمت كريستينا، على مسرح ساحة المهد عددا من أغانيها، التي قوبلت بتشجيع جمهور محلي وأجنبي انتظر وسط البرد القارس، صعودها على المسرح.
وكانت فقرة كريستينا الأبرز من الفقرات التي قدمتها المجموعة الاسبانية لجمهور عيد الميلاد، الذي استقبل المجموعة بحفاوة كبيرة.
وقدمت ممثلات اسبانيات، مقاطع من شعر محمود درويش خصوصا من قصيدته (أرى ما أريد)، مصحوبة بالنص العربي.
وعزفت فتيات من المجموعة على القرب، وهن يرتدن اللباس التقليدي لبلادهن، وكن عزفن ولأول مرة خلف البطريرك فؤاد الطوال، لدى دخوله إلى ساحة المهد، وعزفن يوم الثلاثاء أمام حاجز عسكري في البلدة القديمة بمدينة الخليل، تضامنا مع أهلها الذين يعانون من إجراءات الاحتلال والمستوطنين.
وتخلل العرض، بيان تلي بالعربية، يعبر عن موقف المجموعة من القضية الفلسطينية، ومن معاناة الشعب الفلسطيني خصوصا النساء.
وأعلنت المجموعة وقوفها مع شعبنا ضد الاحتلال، وفي إشارة إلى الحذاء الذي رشقه الصحافي العراقي منتظر الزيدي للرئيس الأميركي جورج بوش، أعلنت المجموعة في بيانها "ليس لدينا قنابل أو أسلحة أو أحذية إنما نملك صوتنا نرفعه عاليا تضامنا مع الشعب الفلسطيني".
وهذه المرة الثانية التي تقدم فيها المجموعة عرضا فنيا كبيرا في ساحة المهد، ففي يوم 24-12-2006، قدمت المجموعة (سيمفونية النساء من اجل السلام في فلسطين)، شاركت فيه مغنيات شهيرات مثل كارمن باريس، وميرسيدس فيرر، ومارينا روسيل، وممثلات مثل بيس كالديرون، وماريا سان، وروت جابريلل وغيرهن، بالإضافة إلى كاتبات ورسامات، ومخرجين وفني إضاءة وآخرين، وتم التحضير لذلك العمل مدة 3 أشهر متواصلة.
ويكاد الوضع الفلسطيني لا يختلف كثيرا بين العرض الذي قدمته المجموعة عام 2006 وهذا العام، ففي المرة الأولى، كانت الأجواء ملبدة باقتتال بين حركتي فتح وحماس، وحينها قالت لي كريستينا "ما حدث في قطاع غزة من اقتتال آلم أعضاء الوفد، لأننا نعتبر أنفسنا جزءا من الشعب الفلسطيني، ولكنه لم يؤثر على قرار القدوم إلى فلسطين وتقديم العمل الفني الثقافي".
أما الان، فالاقتتال توسع، وأصبح انفصالا وانقطاعا، ولكنه لم يؤثر على بوصلة كريستينا ورفيقاتها ورفاقها الذين هتفوا من اجل "الشعب الفلسطيني ودعما لحقه في العودة إلى دياره التي هجر منها وإقامة دولته المستقلة".
وقبل عامين حملت كريستينا ومجموعتها وثيقة سياسية أسمتها (خارطة الطريق النسائية من اجل السلام)، في مشاكسة لخارطة الطريق الأميركية، فالخارطة "الكريستينية" تدعو لإقامة دولة فلسطينية مستقلة في حدود حزيران (يونيو) 1967، وإزالة المستوطنات وعودة اللاجئين، أما في هذا العام ففضلت المجموعة التعبير عن موقفها من خلال بيان مقتضب مليء بالدلالات ووضوح الموقف.
وكما حدث قبل عامين، اصعدت كريستينا ووفدها، إلى المسرح لترفع صوتها عاليا في سماء بيت لحم، منتصرة للحرية والجمال والعدل، في يوم مولد رسول المحبة والسلام.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق