في مساء يوم الخميس الماضي، وصلت فندق الانتركونتننتال (دار جاسر) لحضور الجلسة الافتتاحية لورشة عن القضاء، ووجدت أمامي من الصحافيين الزميل نجيب فراج، مراسل صحيفة القدس، وطاقم من التلفزيون الفلسطيني.
ورغم ما يمكن أن يكون للصحافي من قناعات على ما يطلق عليها ورش عمل، أو ما شابه، الممولة أجنبيا، وتعقد في الفنادق الفخمة، إلا أن المناخ الصحافي المحلي، يجعل الاقتصار في تغطية هذه الورش، على إيراد مقتطفات من كلام المتحدثين، الذين يمكن أن يقولوا ما يريدون، دون أن يدقق في أقوالهم أي أحد، ويظنون انها ستظل اسيرة الغرف المكيفة.
وبعد حضوري للجلسة الافتتاحية، التي دعوت إليها، حررت خبرا نشر في اليوم التالي (الحياة الجديدة 28-11-2008)، يتضمن جزء من انتقادات حادة وجهها المستشار عيسى أبو شرار، رئيس المحكمة العليا، ورئيس مجلس القضاء الأعلى، للجهاز القضائي والمحامين، وما نشر على لسان أبو شرار هو في الواقع جزء من نقده الحاد، للعاملين في الجهاز القضائي والمحامين.
وفيما يخص الجهاز القضائي شكا أبو شرور من عدم وجود كفاءات، وقال بأنه ورث الجهاز كما هو، وانه استعان بموظفين وفرتهم اموال الجهات المانحة، من خارج الجهاز القضائي لتنفيذ بعض المشاريع، أما عن المحامين فقد قدم صورة شديدة السوداوية والكاريكاتورية، عندما تحدث مثلا عما يجري في محكمة رام الله، عندما رأى بأم عينه كما قال كيف يحضر المحامون الطعام، ويطلبون من الموظفين الانضمام إليهم، ووصف دور المحامين بكلمة "معيب".
انتقادات أبو شرار للجهاز القضائي، ليست الأولى، بالنسبة لي، ونقلت على لسانه أمرا مشابه، في ورشة عقدت قبل اشهر في نفس الفندق، وبحضور جمهرة كبيرة من القضاء، وحينها لم ينف ابو شرار ما صدر عنه من كلام (الحياة الجديدة 19-7-2008).
وفي اليوم التالي لنشر الخبر ( الحياة الجديدة 29-11-2008) فوجئت بتوضيح من الناطق الإعلامي باسم السلطة القضائية ماجد العاروري، حول الخبر الذي نشر، ووصف مضمونه بأنه غير دقيق، بالإضافة إلى وصف ما نشر حول نقد أبو شرار للعاملين في الجهاز القضائي بأنه غير صحيح وهو يعني بأنني "الفت" ذلك كذبا وبهتانا.
ويمكن للمرء أن يعتب على زميل سابق مثل العاروري، الذي حضر الورشة، ويضطر، بحكم عمله الوظيفي، إلى إصدار توضيح "غير دقيق" أبدا، بل انه اضطر إلى نفي ما ذكر في الخبر من أقوال أبو شرار عن الفساد في الجهاز القضائي.
ويبدو أن المستشار أبو شرار، لم يكتف بتوضيح الناطق الإعلامي باسم السلطة القضائية، فاصدر بيانا عممته وكالة وفا، ونشرته الصحف يوم الثلاثاء (2-12-2008) يؤكد فيه على عدم دقة نقل أقواله في الورشة العتيدة.
لم يفاجئني بيان أبو شرار، الذي أرى انه يأتي في سياق نظر معينة للعمل الصحافي، من قبل المسؤولين المحليين، يرون في الصحافي بأنه مجرد كاتب عرائض، ولا يهمهم من الخبر إلا ذكر أسمائهم.
أما الجهات التي تشرف على ورشات العمل، فما يهمها فقط هو نشر أسماء الجهات المانحة، وللآسف فان الصحف والمواقع الإخبارية، ونحن كصحافيين قدمنا تنازلات للمسؤولين والجهات المحلية، بل اننا تخلينا عن عملنا الصحافي.
من حق المستشار أبو شرار، أن يقول ما قاله في ورشة العمل، ومن حقه أن يغير تلك الآراء، أما أن يتهم الصحافة بأنها لم تكن دقيقة في نقل تلك الآراء، أو أنها أضافت على لسانه أمورا لم يقلها، فان الحسم في ذلك يكون بالعودة إلى تسجيلات الورشة، والى ما سجلته كاميرا تلفزيون فلسطين، والى الاستماع إلى شهادة الحضور، ومن بينهم الزميل العاروري، الذي لا اعرف إذا كان سيغير أقواله التي جاءت في التوضيح إذا اضطر لتقديم شهادة تحت القسم، أم لا؟
قال لي الزميل نجيب فراج غاضبا متسائلا "هل سنبقى كصحافيين الحائط المائل؟"، واضيف سؤالا من عندي: لماذا لا نكون أيضا سلطة رابعة؟، خصوصا وأننا نعلم حال السلطات الثلاث في هذا البلد، والتي لا يسر حالها أحد؟، أو لنترك الصحافة ونذهب للعمل ككتبة عرائض على أبواب المحاكم الفلسطينية، رغم أننا نعلم حالها، ولم نكن بحاجة الى أقوال المستشار أبو شرار بحقها، والتي سمعتها مثل غيري من حضور الورشة،...اعتقد أن الإجابة هذه المرة عند جمهرة الصحافيين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق