اكتسبت فلسطين اسمها، من الفلسطينيين القدماء الذين عرفوا باسم (الفلست)، والذين لم تحظ حضارتهم بالاهتمام اللازم من علماء الآثار الذين نقبوا في فلسطين، وخلال الأعوام العشرة الأخيرة، بدا اهتماما متزايدا بهم، بعد اكتشاف عدد من مستوطناتهم، وما عرف بنقش عقرون، في قرية عقرون الفلسطينية المدمرة القريبة من القدس، حيث عثر على أنقاض معبد فلسطيني قديم.
وتجري الان تنقيبات في بعض مواقع حضارة الفلسطينيين القدماء، من قبل علماء آثار إسرائيليين، واجانب، مثل موقع تل الصافي، ومدينة عسقلان الساحلية، التي عثر فيها سابقا على فخاريات وتماثيل لآلهة فلسطينية.
واعلن مؤخرا عن اكتشاف، بوابة في عسقلان، اعتبرت أنها اقدم بوابة مقوسة، تكتشف في العالم، ويعود عمرها إلى اكثر من أربعة آلاف عام.
وقدر تاريخ بناء البوابة المكتشفة انه يعود إلى عام 1850 سنة قبل الميلاد، والتقديرات أنها شيدت كجزء من تحصينات ميناء المدينة.
والبوابة مبنية من الطوب والحجر الجيري، طولها نحو 15 مترا، وعرضها اكثر من مترين، وارتفاعها نحو 4 أمتار.
وتم في عام 1992، الكشف عن قاعدة البوابة، في أثناء حفريات أجرتها جامعة هارفرد، برئاسة البروفيسور لورنس ستيجير، وتواصل العمل لاحقا للكشف عن كامل البوابة.
وأكملت السلطات الإسرائيلية المختصة، بناء ثلاثة أقواس خشبية، من اجل استعادة الشكل الكامل المقوس للبوابة وتدعيم بنيانها.
وقال أحد الاثاريين الإسرائيليين "أردنا أن نمنح الزوار الشعور نفسه الذي كان يشعره من كان يدلف عبر البوابة إلى داخل المدينة".
وبلغت كلفة المشروع نحو 700 ألف دولار، وهو جزء من مشروع اكبر، تعمل عليه السلطات الإسرائيلية، فيما يخص التاريخ والآثار والمتنزهات.
وحظيت مدينة عسقلان، على ساحل البحر المتوسط، باهتمام كبير، طوال قرون، وكانت مركزا تجاريا وحربيا، لوقوعها على الطريق الساحلي، والطريق الرئيس بين مصر وسوريا.
ومما اكتشف أخيرا في عسقلان، مستوطنة بشرية صغيرة، خارج البوابة المقوسة، على المنحدر المؤدي إلى البحر، تضم مزارا عثر داخله، على تمثال من البرونز لعجل، يعتقد انه كان رمزا للإله الكنعاني بعل.
واعرب عدد من علماء الآثار عن اعتقادهم، بان موقع المعبد أو المزار، على الطريق المؤدي إلى ميناء عسقلان، اقيم خصيصا لراكبي البحر، أو العائدين من الرحلات البحرية، ليصلوا، أو يقدمون العطايا للآلهة، امتنانا لنجاح رحلاتهم.
وخلال السنوات الماضية، عثر في عسقلان على كثير من التماثيل التي تخص الآلهة القديمة، ومنها آلهة أطلق عليها اسم (اشدودة).
والمدينة غنية بمكتشفات تعود لعصور مختلفة مثل العصر الروماني، والبيزنطي، والاسلامي، وكان الجيش الإسرائيلي، خلال السنوات الأولى لإنشاء إسرائيل، وبأوامر من موسى ديان، هدم أحد أهم المساجد التاريخية المعروف باسم (مشهد الحسين).
وحسب بعض المصادر فانه خلال السنوات الماضية، بدأت المدينة، التي تم طرد سكانها العرب منها عام 1948، تشهدة زيارة أفواج من طائفة البهرة الإسلامية الهندية، الذين يزورون أنقاض مشهد الحسين، ولديهم طموح باعادة بناءه.
ويأتي الكشف الكامل عن البوابة الفلسطينية المقوسة في عسقلان، وتأهيلها، مع اكتشاف أخر يخض حضارة الفلسطينيين القدماء، في تل قديم في النقب، يقع إلى الشمال الغربي من مدينة بئر السبع. عثر عليه صدفة، وخلال حفريات إنقاذ تجريها سلطة الآثار الإسرائيلية، قبل البدء بتشييد خط سكة حديد في المنطقة.
وتم تعريف الموقع، باعتباره أحد المستوطنات الريفية الصغيرة التي أنشأها الفلسطينيون القدماء، وتعود إلى أواخر العصر الحديدي الأول.
وعثر في المعبد، على أدوات كانت تستخدم في طقوس الاستحمام، مثل الكؤوس، بالإضافة إلى العناصر المعمارية الدائمة في المعابد، مثل المقاعد الحجرية.
وأؤرخ لهذا المعبد، إلى العصر الحديدي المتأخر، أي نحو عام 1000 قبل الميلاد، ويأمل علماء الآثار، أن تؤدي الحفريات المستمرة في موقع المعبد، إلى إعطاء صورة أوضح عن عبادات الفلسطينيين القدماء.
ومن المعروف، أن التباسات عديدة، تحيط بتاريخ الفلسطينيين القدماء، الذين يقدمون في الثقافة العربية والإسلامية على انهم "القوم الجبارون" الذي تحدث عنهم القران الكريم، أو شعوب البحر بالنسبة للفراعنة، ويتم نسبهم إلى اصل يوناني، قبل استيطانهم لفلسطين، التي ارتبطت بهم اكثر من أية شعوب أو
حضارات أخرى.وفي عام 1996، عثر علماء مدرسة الآثار الأميركية بالقدس، على نقش فلسطيني، في قرية عقرون، والذي جدد الاهتمام العلمي بالفلسطينيين القدماء.
وقدم الشاعر الفلسطيني زكريا محمد، نظرية، استنادا لتأويله سطور النقش، تشير إلى أن الفلسطينيين القدماء ما هم إلا قبيلة طيء العربية.
واعتمد محمد، على سلسلة فرضيات وتأويلات لإثبات نظريته، التي وان وجدت هوى لدى بعض المثقفين الفلسطينيين، لأسباب قد يكون لها علاقة بالصراع العربي- الإسرائيلي، وبإثبات الحق العربي في فلسطين، إلا أنها بقيت غير محصنة تجاه النقد، ولمنهج محمد البحثي، الذي لم يعاين النقش، واكتفى بالترجمة الإنجليزية له، وتقديم افتراضات حول حروفه، بعيدا عن أي عمل بحثي ميداني يشمل المكان الذي عثر فيه على النقش، أو مواطن قبيلة طيء في الجزيرة العربية، يحدوه إصرار لإثبات فرضية أن الفلسطينيين القدماء ما هم إلا جزء من قبيلة طيء، قدموا من الحجاز إلى فلسطين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق