يسير الناشر المخضرم
يعقوب حجازي في أزقة بلدة عكا القديمة، متعافيا من أزمة صحية، متأبطا ذراع زوجته،
التي شاركته رحلة طويلة في عالم الثقافة والنشر، لديهما إصرار على إكمال الطريق
رغم الصعوبات.
حجازي معروف لأبناء
بلدته الذي يردون تحيته، كابن مخلص لعكا، وأحد الصامدين في البلدة القديمة التي
تقاوم التهويد، ومخططات الاحتلال، ولكن كثيرين في داخل فلسطين وخارجها يعرفونه،
كناشر مبادر، اتخذ من عكا القديمة مقرا لإطلاق مشروعه الثقافي باسم منشورات
الأسوار، متيمنا أسوار عكا الشهيرة، التي ترمز لهزيمة نابليون.
يقول حجازي، الذي ترك
مقره مؤقتا، لغايات الترميم: "عكا قهرت أعداء الوطن والثقافة، وأنجبت ظاهر
العمر الزيداني مؤسس أول كيانية فلسطينية، وهي مدينة أميرة كاتبات القصة القصيرة:
سميرة عزام التي طبعنا أعمالها ووزعناها في العالم".
يستذكر حجازي أيضا،
ابن عكا أحمد الشقيري: "مؤسس منظمة التحرير الفلسطينية التي قادت النضال،
ونتذكر ثورة البراق عندما اعدم في سجن عكا شهداء الثلاثاء الحمراء، الذين ما زالت
قبورهم في المقبرة في مدخل المدينة يحرسونها".
يعتز حجازي، بابن عكا
الكاتب الشهيد غسان كنفاني، الذي كان لاستشهاده قبل خمسين عاما، تحفيزا ليعقوب
وزوجته لتأسيس مؤسستهما الثقافية: الأسوار.
يقول حجازي:
"انطلقت منشورات الأسوار غداة استشهاد كنفاني، ليس لأنه من عكا، ولكنه شهيد
فلسطين، شهيد المقاومة والفكر المقاوم".
شهدت دار الأسوار
للنشر، فترتها الذهبية في ثمانينات القرن الماضي، عندما طبعت مئات الكتب، كما تقول
حنان حجازي، في المواضيع الثقافية والسياسية.
يحسب لدار الأسوار،
تقديم أصوات أدبية فلسطينية شابة من مختلف المناطق المحتلة، ومناطق الشتات، وتعريف
القارئ في الأراضي المحتلة بإبداعات الكتاب الفلسطينيين والعرب في الخارج، وأصدرت،
بالإضافة للكتب، مجلة ثقافية، ونظمت فعاليات ثقافية، وكرمت المثقفين.
يقول الشاعر سامي
مهنا: "أسس يعقوب وحنان حجازي، دار الأسوار، كرد فعل على اغتيال غسان كنفاني،
القيمة والقامة، انطلقا من عكا، وأخذا على عاتقهما الواجب الوطني، فلم ترتبط
مؤسستهما بأي تمويل أو تعامل مع أي مؤسسة إسرائيلية، رفضا للتطبيع. مؤسسة الأسوار
ليست مطبعة".
لم تعد دار الأسوار،
كالسابق، فهي تعيش أزمة، ولكنها، كما تقول حنان حجازي، مستمرة، مضيفة: "لن
نتوقف أبدا".
في العام الماضي، منح
الرئيس محمود عباس، يعقوب وحنان حجازي، وسام الثقافة والعلوم والفنون "مستوى
الإبداع"، تقديرا لدورهما في حفظ ودعم الثقافة وتعزيز الهوية الفلسطينية،
وتثمينا لمساهمتهما في تأسيس دار الأسوار، التي احتضنت ونشرت لمئات المبدعين
والكتاب الفلسطينيين-ينوه مهنا، الذي زامل يعقوب حجازي في ادارة اتحاد الكتاب
العرب الفلسطينيين في الداخل.
يهبط الليل، بطيئا
على عكا، بينما ينعطف يعقوب وحنان حجازي، ببطء، في زاروب قديم، متماسكان، متحابان،
عازمان على المضي في مشروعهما الثقافي الوطني.
لقاء ثقافي في عكا
https://www.youtube.com/watch?v=NNuz5YvsCkU&t=31s
يعقوب حجازي عن عكا
https://www.youtube.com/watch?v=yHIdWissY7k&t=67s