أهلين

"من عرف الله سار، ومن سار طار، ومن طار حار". عجيل المقدسي.

الأحد، 27 ديسمبر 2020

الكنيسة المفقودة..!


 


حتّى في ظل كورونا، يمكن للقدس، أن تتكلم، وتفصح عن جزء من جوانيتها.

على سفح جبل الزيتون وبجوار كنيسة الجثمانية الحديثة، التي تعرضت لاعتداءات مؤخرًا، عثر في حفريات انقاذية على بقايا كنيسة بيزنطية عمرها 1500 سنة، لم تخبرنا المدونات عنها.

يكشف الفحص الأثري بأنَّ الكنيسة استمرت في تقديم خدماتها في العهود الاسلامية الاولى في القدس، ودمرت، على الأغلب مع بداية السيطرة الأيوبية على المدينة.

حكاية الكنيسة المفقودة هذه، يمكن أن تعتبر نموذجًا، على تعامل الحكّام الذين توالوا على فلسطين، مع الأماكن المقدسة، وقدرة ناس البلاد، على نجاحهم أحيانًا، في الحفاظ عليها.

استمرار وجود الكنيسة، في العهود الأموية، والعباسية، والسلجوقية، والفاطمية، يشير إلى قبول مجتمع القدس المتعدد للاختلاف، وإيجاد أساليب لحل الإشكالات الناتجة عن الفروقات الدينية.

مع دحر صلاح الدين للصليبيين، سيتغير طابع القدس الديموغرافي، فبعد التطهير العرقي الذي مارسه الصليبيون، لم يعد هناك أي وجود، لليهود، وللمسلمين في المدينة، وبشكل أقل للمسيحيين الشرقيين.

بعد أقل من قرن، على الانتصار الصليبي، سينتصر صلاح الدين، وسيتراجع عدد المسيحيين في المدينة، بشكل حاد، والموقف من وجود الكنائس (كنيسة القيامة مثلاً)، سيكون مجالاً للنقاش، يمكن تتبعه في كتاب العماد الأصفهاني، مؤرخ تلك المرحلة، المقرب من صلاح الدين.

الاعتقاد الأولي، أن الكنيسة المفقودة، ربّما دمرت، كما حدث لكنائس جبل الزيتون، في بداية الحكم الأيوبي، واستمرت في غياهب النسيان، رغم إنها أقيمت تخليدًا لذكرى، اعتقال السيد المسيح في بستان الجثمانية. واستخدمت حجارتها، كما غيرها مما دمر في ترميم سور المدينة.

الإبقاء على المعالم الدينية، أو هدمها، واستخدامها في ورشات التدوير الضخمة في القدس، هو ما أصبح عاديًا، في تاريخ المدينة الطويل، وهو ما يحدث الآن.

يمكن لسلطة الآثار الاحتلالية، أن تروج للاكتشاف الجديد، التي نفذت الحفريات فيه بالتعاون مع المعهد الفرنسسكاني للآثار وفي الوقت ذاته تتعرض كنيسة الجثمانية لاعتداء من متطرف احتلالي، وعلى بعد أمتار يمكن رؤية العصف الاحتلالي في الموقع، بما يناسب رؤية احتلالية، تقدم عبر المسارات، والكتيبات، وروايات حول معالم أخرى.

القدس ضحية الاستخدام المفرط للدين في السياسة، من قبل الحكّام، الذين استخدموا الدين، لتقوية سيطرتهم على المدينة، والمؤسف، أن الأمر لن يتغيّر في هذا القرن أيضًا، ستنز الدماء، وتهدم المعالم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق